يُروى أن عالم من علماء الإسلام ذا مال وجاه ، حضر في مجلسه تلاميذه وعدد من طلاب العلم وبينما هم كذلك دخل عليهم رجل غريب لا يعرفونه ولا يبدو على الرجل مظهر طلاب العلم ، ولكنه ظهر منذ الوهلة الأولى عزير قوم ذل ، ودخل وسلم وجلس حيث انتهى به المجلس وبدأ يستمع للشيخ بأدب وإنصات وفي يده قارورة فيها ما يشبه الماء ، لا تفارق الرجل ، ثم قطع الشيخ حديثه ثم التفت للرجل الغريب وتفرس في وجهه ثم سأله ألك حاجة نقضيها أم أن لك سؤال نجيبك عليه فرد عليه لا هذا ولا ذاك وإنما أنا تاجر سمعت عن علمك وخلقك فجئتك أبيعك هذه القارورة التي أقسمت ألا أبيعها إلا لمن يقدر قيمتها .
فقال له الشيخ أعطيني إياها ، فأعطاه القارورة وأخذ الشيخ يتأملها ويحرك رأسه إعجابًا بها ثم التفت للرجل وقال له بكم تبيعها فقال بـ 100 دينار فرد عليه الشيخ وقال هذا قليل عليها ، سوف أعطيك 150 دينار فقال الرجل بل 100 كاملة لا تزيد ولا تنقص فقال الشيخ لابنه ادخل عند أمك وأحضر مائة دينار من الصندوق وبالفعل أخذ الرجل المبلغ ومضى إلى حال سبيله مبتسمًا ابتسامة عليها سمت الوقار وانفض المجلس .
وخرج الحاضرون من الطلاب والتلاميذ والجميع متعجب من ذلك الماء الذي باعه بمائة دينار ، فدخل الشيخ لمخدعه للخلود للنوم ولكن الفضول دعا ابنه لفحص القارورة ومعرفة ما فيها وتأكد أنه ماء عادي ودخل الابن إلى والده مندهشًا مسرعًا وقال لابيه يا حكيم الحكماء لقد خدعك الغريب فقد باعك ماء بـ 100 دينار ، أأعجب من دهائه وخبثه أم من تسرعك وطيبتك فضحك الشيخ ثم قال لولده يا بني فقد نظرت ببصرك فرأيت ماء ولكني نظرت بنور بصيرتي فرأيت الرجل جاء يحمل في القارورة ماء وجهه الذي أبت عليه عزة نفسه أن يريقه أمام الحاضرين عند السؤال وكانت له حاجة في مبلغ يقضي به حاجته ولا يريد أكثر منه والحمد لله الذي وفقني لإجابته ولو أقسمت ألف مرة أن الذي دفعت فيه قليل ما حنثت بيميني