كان السيد مختار تاجر أثواب معروف في الحي ، وقد مكنته مهنته تلك من بناء ثروة كبيرة ، وتملك عدة محلات تجارية وعدة عقارات ، وكان لديه ولد يدعى عبدالرحمن ، وابنة تدعى رقية.
وعند بلوغ عبدالرحمن ثمانية عشر عام ، أوكل إليه والده تجارة الأثواب ، وكانت رقية خير أنيس لوالدتها ، وكانت تحرص على تربيتها لتكون ربة منزل مثالية ، وبالرغم من انشغال السيد مختار في تجارته ، إلا أنه كان يواظب على أداء الصلوات الخمس بالمسجد .
وقد نشأت بينه وبين إمام المسجد الشيخ إسماعيل صداقة قوية ، رغم فارق السن بينهما حيث كان الشيخ إسماعيل فتى طيب الأخلاق لم يتجاوز الثلاثين من عمره ، ونشأت بينه وبين الشيخ إسماعيل صداقة قوية ، وكانا يقضيان أوقات كثيرة معًا حتى تعرف على ابنته رقية ، وتقدم لخطبتها ووافق السيد مختار لكونه يعلم جيدًا طباعه وأخلاقه .
بعد مرور عام تعرف عبدالرحمن على فتاة تسكن بجوار متجر والده ، الذي كان موكلًا بالإشراف عليه ، وتزوجها وشعر السيد مختار بسعادة لقرب وصول الأحفاد ، وذات يوم وبينما السيد مختار في طريقه للعودة إلى منزله ، وهو على متن سيارته برفقة زوجته صدمتهما شاحنة من الوزن الثقيل .
وتسببت الحادثة في كسور بالغة الخطورة لكلًا من السيد مختار وزوجته ، ودخلت زوجته في غيبوبة طويلة وبعدها فارقت الحياة ، بينما السيد مختار أصيب بكسر في العمود الفقري ، وتعين عليه البقاء على كرسي متحرك لمدة ستة أشهر .
وتطلب الأمر وجود رفيق لمساعدته ، وكانت أخت الشيخ إسماعيل تعمل ممرضة في أحد المستشفيات ، فطلب منها مساعدة السيد مختار في تناول أدويته ، وعلاجه كل يوم وكانت تدعى فتون.
يومًا بعد يوم تعلق السيد مختار بفتون وطلب الزواج منها فوافقت ، وبعد مرور عام علم السيد مختار بحملها ، وبالرغم من إنه كان مسرورًا إلا أنه أستشعر الغيظ والحقد من زوجة ابنه عبدالرحمن ، خاصة ولم ترزق بأطفال بعد ، بل كانت ترى أن ذلك الحمل سيمثل وريث جديد مع زوجها عبدالرحمن ورقية .
وكان حقدها على فتون يظهر كلما التقت بها ، وكانت تعاملها معاملة الخادمة ، ولما علم السيد مختار بذلك غضب ، وساءت علاقته بولده وزوجته ، خاصة بعد أن علم أن زوجة عبدالرحمن حرضته على تحويل مبالغ مالية كبيرة ، من أرباح المتاجر إلى حسابه البنكي الخاص به وهو لا يحق له ذلك.
وشعر الحاج مختار بألم في عضلة القلب ، وأخبره الطبيب باحتمالية تعرضه لازمة قلبية ، فأوكل للشيخ إسماعيل جزء من تجارته ، وبعد أسابيع وفي غفلة من الجميع وفاه الآجل المحتوم .
وكانت فتون حاملًا في شهرها السابع ، ومن المثير للدهشة هو تحول زوجة عبدالرحمن إلى سيدة ودودة مقربة من فتون ، وتسدي لها النصح الدائم ، ولكن وضعت زوجة عبدالرحمن خطة للتخلص من الجنين في بطن فتون .
فذهبت إلى أحد العطارين وأخبرته بأنها تريد أعشاب تزيد انقباضات الرحم لإسقاط جنينها المشوه ، وقد صنع لها خلطة من عدة أعشاب مختلفة ، وعادت إلى المنزل وذهبت لزيارة فتون ، وكانت فتون تعاني من متاعب الحمل ، فدخلت المطبخ وأعدت لها محلول من منقوع تلك الأعشاب .
وبالرغم من وجود خادمات في المنزل ، إلا إنها أصرت على إعداد المشروب بنفسها ، مما أثار حيرة الخادمات ، وبعد أن شربت فتون ذلك المحلول ، أزداد ألم في بطنها وشعرت بتمزق في أحشائها ، فتم نقلها إلى المستشفى ، وما أن وضعت في العناية المركزة حتى فارقت الحياة .
تسابق الأطباء مع الزمن لإجراء عملية ولادة دقيقة لإنقاذ الجنين ، وكان الجنين ذكرًا وضع في حاضنة صناعية لاكتمال نموه ، وأخبر الأطباء شقيق فتون باحتمالية تناولها جرعة سامة من مادة معينة ، وأبلغ مدير المستشفى الشرطة الجنائية بالتفاصيل .
أجرت الشرطة تحريات تفصيلية عن الحادث ، وقد عُثر على بعض من تلك الأعشاب في منزل فتون في المطبخ ، وبرفع البصمات عن الكوب الذي تناولت فيه المرحومة آخر مشروب لها ، تم القبض على زوجة عبدالرحمن ، وأحيلت إلى المحكمة الجنائية بتهمة قتل مع سبق الإصرار والترصد ، وسمي الشيخ إسماعيل ذلك المولود مختار وتولى هو تربيته بعد وفاة والده الحج مختار ووالدته فتون .