Site icon ترند بالعربي – Trend Bel Arabi

قصة زيجات متكررة

أقبل رجل في الخمسين من عمره ، على زواج مرة أخرى ولعله لم يضع في حسبانه ، ما آل الأطفال الذين سيلدهم من زوجته الشابة ، لعله لم يفكر البتة في ذلك وهناك في الريف في قريته ، كان امراً طبيعياً أن يتزوج الرجل متى شاء ، وكثيرًا ما كان الواحد من الرجال هناك يتزوج اكثر من سيدة ، بلا سبب معلوم إلا من دخل إضافي ، يأتي به موسم فلاحة جيد .

والذين لا يستطيعون الزواج كانوا يزوجون أبناءهم ، في سن مبكر كان أحد تلك الرجال يدعى سيد ، والذي تقاعد عن خدمته في الجيش ، كان معروفًا بزيجاته التي تكررت فهناك من أحصى له ستة زيجات ، في كل مرة يحرص وقد استشار فقيه القرية ، آلا يجتمع في بيته أكثر من أربعة نساء .

وكان كلما أتيحت له الفرصة كان يتخلص ، من إحداهن يأتي باخرة مكانها واثنان ماتا بسبب النفاس ، وبناته من زيجاته الأولى تزوجوا وأنجبوا ، وقد صرفت الخدمة العسكرية مبلغاً من المال له كتعويض كان له .

وفي بيته كان هناك ثلاثة نسوة ، صرن تترقبن من ستكون رابعتهن ، وكان لا يساورهم أدنى شك من أن زوجهم سيفعلها مرة أخرى ، وذات يوم حضر سيد أحد الأعراس ، وكانت بعض الفتيات يؤدين رقصاتهن ، على دقات الدفوف وضوء القناديل ، وترددن أشعار وألحان .

كانت إحداهن طويلة القامة ، فمال سيد على رجل كان يجلس بجانبه ، وسأله عن أصل تلك الفتاة ورجح إنها تكون بنت فلان ، وهو رجل يعرفه الحاج سيد جيدا ، وبلا تردد قرر أن خطبتها في الغد .

وكان يعلم أن والدها لن يرد له طلبًا ونسي أنه جدلما يقرب عن عشرة أحفاد ، ويعلم أن القرار قراره هو  وإن لا أحد من أبناءه أو بناته أو زوجاته يبدين اعتراض ما ، بل كان ما يعترض يخبره في مزاح أن خبز العرس ، ذاك سيخبزه بيده هو .

في صباح الغد مضي لمقابلة تلك الفتاة التي أرادها ، وكما توقع وافق الرجل دون أن يسأل ابنته عن رأيها ، وبعد أقل من شهر كانت تزف إليه وأعد له غرفة ، في منزله الذي يسكنه زوجاته الثلاثة .

أنجبت الفتاة ولدها الأول وكانت في السادسة عشر ، من عمرها وهو في الخامسة والستين من عمره ، اختار له اسم يوسف ثم توالت الولادات ، وصارت تلك الفتاة زوجته المفضلة ، والتي كان يلبي لها كل ما تطلب ، وطلبت منه أن تنتقل هي وأبنائها من القرية ، للعيش في المدينة واستجاب لمطالب تلك التي كان يهيم في حبها ، وبعد خمسة أعوام من زواجهما قرر الرحيل للمدينة ، وهناك كبر أطفاله الخمسة من زوجته تلك .

بعد سنوات ساءت حالته الصحية ولم تعد تسعفه في فرض سيطرته حيث تقدم به العمر ، وصار يحس بثقل السنين ولما بلغ عمر الثمانين كان ولده الأكبر من تلك الفتاة بلغ الخامسة عشر تفطن أنه يصعب ضبط إيقاع أسرته كما كان من قبل ، مما عجل من وفاته ومات وصارت زوجته أرمله .

وما تركه زوجها لم يعد يكفي خاصة ، بعد أن تقاسم كل ما له بين زوجاته الأربعة ، وفشل ولده يوسف في الدراسة ، بل صار يبتز والدته ويلح عليها في أن تعطيه من المال ، ما يشتري به من السجائر والكيف .

استغاثت الفتاة  بأبناء زوجاته الاخريات ، وعرضوا المساعدة لكن مقابل تقاسم جزء من الإرث الذي خلفه لهم ، ووافقت وبعد عدة سنوات دب الفقر في تلك الاسرة ، واضطرت للعمل كخادمة في البيوت وتقاسمت ، ما تأخذه مع أبناؤها رغم حلمها في طفولتهم ، أن يكونوا سندا لها في الكبر .

تذكرت الفتاة إلحاحها لزوجها بالخروج من القرية ، للعيش في المدينة وندمت حيث صارت لقمة العيش تعادل العرق ، المتصبب وسلك أبناءها طريق السوء وصار يوسف ، وحشًا يهابه الكثيرون.

دعت الفتاة أبناؤها للاجتماع وقد أعدت فطور ، لم تعد مثله منذ زمن بعيد وسألتهم عن ما كانوا يصروا على طريقهم ، وكانت المفاجأة عندما هز يوسف رأسه نافيا ، وبدأت تتحدث معهم عن تعبها في عمل البيوت .

ثم دعت أبناؤها لتعلم صنعة تكون لهم مورد رزق ، كما أخبرتهم إنها اتخذت قرار ببيع المنزل وكان أكثر ما أثر في أبناؤها ، تعرضها للتحرش كلما خرجت للبحث عن عمل ، يوفر لهم سبل العيش ، وهنا فاق الأبناء عن سلوك أعمى أعينهم عن كثير من الحقائق ، التي غابت عن أذهانهم سنين طويلة ، ولم يعد الوقت يحتمل أكثر من ذلك .

Exit mobile version