كانت نسمة تشعر بالفرح حيث أن عطلة نهاية الأسبوع قد أتت ، وكان جدها في انتظار زيارتها له ، فذهبت نسمة إلى منزله الذي كان قريبًا منها ، ثم طرقت بابه وهي تضع أذنها عليه ، كي تستمع إلى صوت العكاز الذي يمشي به جدها ، والذي فتح لها الباب ليجدها تقفز أمامه مثل قطة صغيرة .
قام الجد بحمل حفيدته نسمة ثم قبلّها في الوقت الذي انشغلت فيه أصابعها باللعب في طربوشه ذي اللون الأحمر ، ثم دخل الجد إلى الساحة الكبيرة الموجودة في داره ، والتي تحتوي في وسطها على بركة ماء ، وكانت هناك أشجار محاطة باللون الأخضر ، فاستنشقت نسمة رائحة جميلة ، وحينما التفتت نحوها ورأت أمامها زهر العسل ؛ قالت لجدها :”أنزلني يا جدي ؛ لأنني أرغب في السلام على هذا الزهر”.
قام الجد بإنزال نسمة التي أسرعت باتجاه زهر العسل ، ثم هزّته برفق وبدت وكأنها تتحدث معه ، وهو ما جعله يهتز في سرور حتى تناثرت منه زهرات ذات لون أصفر فوق رأسها ، فتربعت الصغيرة ثم جمعت بعض الأزهار لتستنشق عطرها ، ثم أغمضت عينيها قائلة :”الله.. ما أجمل هذه الرائحة ؛ إنها تقوم بإنعاش القلب”.
عادت نسمة إلى منزلها قبل حلول الليل ، وكانت تحمل بيدها باقة من زهر العسل من أجل أن تقدمها إلى معلمتها ، وذات يوم غابت المعلمة عن المدرسة ، حيث أنها قد أنجبت طفلة جميلة ، وحينما علمت نسمة ذهبت إلى منزل جدها من أجل أن تحصل على باقة من زهر العسل لتقدمها كهدية إلى معلمتها ، ولكنها اكتشفت أن أغصان زهرتها خالية من الأوراق .
أسرعت نسمة باتجاه الثلاجة ثم أخذت شراب السعال ، كي تروي زهرتها به ، ولكن جدها قد لمحها ، فقال لها متعجبًا :”ماذا تفعلين يا جميلة؟” ، فقالت له :”إن زهرتي مريضة ؛ وهي بحاجة إلى الدواء” ، فضحك الجد قائلًا :”إن الزهرة ليست مريضة ، ولكن الشتاء قد حلّ ، وهو ما جعل أوراقها تتساقط ، ولكن حينما يحل الربيع ، فإن زهرتك ستزهر من جديد” ، فقالت نسمة :”وما هو الذي سأهديه إلى معلمتي الآن بعد أن أنجبت طفلة جميلة؟ .
تحدث الجد بصوت حنون إلى حفيدته قائلًا :”سأعطيك حلًا لهذه المشكلة” ، حيث ذهب إلى منزلها في صباح اليوم التالي ، ثم أعطاها علبة كرتون ذات لون أحمر وكانت ملفوفة بشريط لونه ذهبي لامع ، فقامت نسمة بفك الشريط ، فوجدت زجاجة شفافة داخل العلبة ، وكان العطر يرتج بداخلها ، وحينما فتحت غطائها فاحت منها رائحة زهر العسل فغمرت أرجاء الغرفة .
أسرعت نسمة تجاه جدها وهي تشعر بالفرح ، ثم قفزت وتعلقت برقبته ، حتى وقع منه الطربوش الأحمر على الأرض ، فسحب الجد طربوشه ثم قام بوضعه على رأس حفيدته ، ثم حملها وهما يضحكان معًا حتى تراقصت الشرّابة الموجودة بالطربوش من شدة الفرح .
القصة من أدب الأطفال العربي :
للكاتب السوري : خير الدين عبيد