قصة الثعبان الغادر

الغدر صفة سيئة للغاية ، لا يجب على مسلم أن تملكها نفسه ، فقد حثنا ديننا الحنيف على الأمانة ، ووصانا بها كل من الله ورسوله ، لأنها أحد الأسس ، التي تقوم عليها الأمة ، فإذا رأيت قومًا انعدمت لديهم الأمانة ، فلتعلم أنهم لا يطبقون تعاليم الإسلام ، وسوف يلقون عقابهم جراء الغدر والخيانة ، فالخيانة تهلك صاحبها .

في أحد الأيام المشمسة ، خرج الحطاب من كوخه الصغير ، مصطحبًا ابنه عمر ، وانطلقا سويًا نحو الغابة القريبة منهم ، حتى يجمع الرجل ما يستطيع من حطب ، وينزل بعدها إلى السوق ليبيعه للتجار ، ويحصل على المال ، الذي يمكّنه من الإنفاق على بيته وأسرته الصغيرة ، فكانت الغابة جميلة للغاية ، تذخر بالأشجار الطويلة العالية ، والزهور الرقيقة الملونة ، والتي جعلت منها لوحة مبهجة في ذاتها .

بدأ الحطاب في جمع ما يستطيع من الحطب اليابس ، بينما انطلق عمر يلعب مع الفراشات ، ويرصد العصافير المغردة ، وبين كل تلك المناظر الجميلة للغاية ، انطلق عمر يركض ويلعب ، بين الأغصان الخضراء ، عطرة الرائحة وناعمة الملمس ، ولكن هل كل ما هو ناعم الملمس آمن ؟

بدأ الحطاب الطيب يكسر الأغصان ، ويبحث عن اليابس جدًا منها ، بينما لمح عمر أثناء ركضه ، حبل ملون يبدو ناعم الملمس ، فنظر له طويلاً وهو لا يدري أنه ثعبان ، فبدأ يراقبه عن كثب ، وهو مبهور بشكله وهيئته الملونة الجميلة من الخارج ، دون أن يدري حجم سمه الغادر ، والذي قد يودي بحياته ، إذا ما بثه الثعبان في دمائه ، فبدأ الطفل المسكين في السير خلف الثعبان كلما تحرك ، ظنًا منه أنه حيوان أليف ، خلقه الله من اللآليء والجواهر الثمينة .

فقرر أن يلعب معه ، دون أن يدري أنه عدو لدود ، ولا يمكن أن يصبح صديقه في أحد الأيام ، وبمجرد أن امتدت يد الطفل عمر للإمساك بالثعبان ، فإذا بالثعبان يلتفت له في غضب واضح ، ثم يعضه بقوة وينفث سمه بجسد عمر الصغير ، الذي صرخ بشدة ثم سقط مغشيًا عليه أرضًا .

سمع الحطاب صراخ عمر ، فترك ما بيده وانطلق يبحث عنه ، حتى وجده ملقى بالأرض ، ولا يتحرك وبقي كجثة هامدة فقط ، هنا ثارت ثائرة الحطاب الفقير ، ورفع فأسه ليقضي على هذا الثعبان ، ثم هبط بالفأس ليقطع ذيل الثعبان ، ويتركه ينزف بشدة دون قتله ، وهنا زحف الثعبان وهو ينزف إلى جحره ، بينما حمل الحطاب طفله وانطلق به نحو كوخه ، أملاً في علاجه.

مرت بضعة أيام ، لم يستطع خلالها الحطاب أن يخرج لجمع ما يستطيع من حطب ، وذلك حزنًا على طفله الراقد في غيبوبة منذ أن وقع الحادث ، حتى بدأ الجوع يقتله هو وأطفاله ، بينما اختبأ الثعبان داخل جحره ، لا يستطيع الخروج للبحث عن الطعام ، حتى كاد الجوع أن يهلكه ، فخرج الثعبان من جحره متشجعًا .

وذهب للحطاب يحاول إقناعه أن يتركه ، وأن يتجاهلا ما حدث بينهما ، حتى لا يموت كلاهما جوعًا وحزنًا ، فصاح به الفلاح غاضبًا ، أيها الثعبان الغادر إذا كنت تستطيع أن تنس ذيلك المقطوع ، فأنا لن أنس طفلي الصغير ، الذي آذيته دون سبب واضح ، فأنت ثعبان غادر غير مؤتمن ، ولن أنس إساءتك لصغير لم يفعل لك شيئًا ، وسوف أقضي عليك مستعينًا بالله ، ثم رفع فأسه وقتل الثعبان ، جزاء له على غدره وخيانته .