Site icon ترند بالعربي – Trend Bel Arabi

قصة صديقي الحقيقي

كان لأحد الملوك ابن ذكي يدعى سعيد وكانت أسعد لحظات الملك هي تلك يجلس فيها مع ابنه ، ويحكي له عن بطولات جنده وشجاعته وكان الأمير يقضي الساعات وهو يستمع لأبيه ، وكان يضيق كثيرًا إذا قطع عليه أحد هذه الجلسات الممتعة مع والده الملك .

ولكن أعباء الملك كانت كثيرة فكان لابد أن يقابل جنوده وضباطه لكي يطمئن على أمور المملكة ، وكان الملك ينصح ابنه دائمًا ويقول له : يجب أن يكون لديك أصدقاء يا سعيد ، فسأله سعيد ذات يوم وكيف أختار صديقي الحقيقي يا أبي ، فقال له أبوه : عليك أن تختبر هذا الذي تصادقه حتى تتأكد من حبه وإخلاصه لك ، وهناك اختبار ظريف يمكنك القيام به .

ادع من تعتقده يصلح صديقًا لك إلى طعام الإفطار هنا في القصر وأخر تقديم الطعام له ، وخلال ذلك اسلق ثلاث بيضات وقدمها له لترى كيف سيتصرف في هذا الأمر ، وبالفعل بدأ الابن يجرب هذا الاختبار الظريف كان بعض من يدعوهم للإفطار يضيق بالانتظار فيصرخ مطالبًا بالطعام ، والبعض الأخر لا يصبر بل يغادر البيت في غيظ .

وكان من بين أصحاب الأمير سعيد ابن الوزير وهو وصبي يدعى عادل ، وكان الأمير يعتقد أنه ولد طيب ومخلص لذا قرر اختباره ، فدعاه للإفطار معه في القصر وقدم له البيضات الثلاث ، فاندهش عادل وقال له : هل هذا هو كل الإفطار ؟ إنه لا يكفيني وحدي وبعدها انصرف عادل غاضبًا فلم يأسف عليه الأمير سعيد لأنه عاب الطعام وأثبت أنه غير قنوع .

وجاء الدور على ابن كبير التجار فدعاه سعيد للإفطار معه بالقصر ، فمنى الصبي نفسه بوليمة كبيرة ولم يتناول طعام العشاء في الليلة السابقة ، وحينما وصل إلى القصر أحضر له سعيد البيضات الثلاث وحينما ذهب ليحضر الخبز وجد صديقه قد أكل البيض كله ، فاندهش وقال له : هل أكلت البيض كله ؟ فقال ابن كبير التجار إنها ثلاث بيضات لا أكثر !

فقال سعيد في غيظ : ولكنها طعام الإفطار لكلينا فتعجب ابن التاجر وقال كيف تكون هذه وليمة ابن الملك ؟ بعدها غادر الأمير وهو حزين لأنه اكتشف أن أصدقائه لا يستحقون صداقته ، فخرج يمشي وحيدًا في الغابة وبينما هو كذلك رأى صبيًا يرتدي بعض الملابس البسيطة وتبدو عليه علامات الفقر والذكاء ، عرف أنه ابن الحطاب فسأله سعيد أن يلعب معه ويصادقه .

لكن ابن الحطاب اعتذر وقال لا أعتقد أن هذا مناسب فأنا كما ترى ابن الحطاب الفقير وأنت ابن الملك الثري ، فقال له سعيد : لماذا لا نجرب فوافق ابن الحطاب على كلام الأمير سعيد ولكنه اشترط عليه أن يكونا متساويين كأصدقاء أوفياء في كل شيء فوافق الأمير على شرط ابن الحطاب وبالفعل بدأ الاثنان يخرجان سويًا ويلعبان معًا .

وقد تعلم الأمير الكثير من أمور الصيد وكيفية استخدام القوس والدفاع عن نفسه ضد الحيوانات المفترسة من صديقه الجديد ، فقد كانا يقضيان معًا وقتًا ممتعًا جعل سعيد يشعر أنه أخيرًا وجد صديقه الحقيقي ، ولكنه أراد اختباره كما فعل مع أصدقائه القدامى فدعاه في اليوم التالي إلى الإفطار معه في القصر ، فوافق ابن الحطاب ولكن بشرط أن يأتي الأمير أيضًا إلى كوخه ويأكل من طعامه .

فوافق الأمير ووعده بالذهاب معه في يوم لاحق ، ولما دخل ابن الحطاب القصر جلس بهدوء منتظرًا طعام ، فلما وضع الأمير سعيد البيض وذهب لجلب الخبز انتظره ابن الحطاب حتى عاد ، ثم بدأ يأكلان الطعام سويًا فأخذ كل منهما بيضة وأكلها فتبقت بيضة واحدة بالطبق ، انتظر الأمير سعيد حتى يرى ما سيفعله صديقه الجديد ، فمد ابن الحطاب يده وقشر البيضة ثم قسمها إلى نصفين أخذ نصف وأعطى الأخر للأمير سعيد .

ففرح سعيد لأنه أخيرًا وجد الصديق القنوع وقام على الفور باحتضان ابن الحطاب وقال له : أنت صديقي الحقيقي ، بعدها كبر الولدان معًا وكبرت الصداقة بينهما ولما تولى الأمير سعيد حكم البلاد وأصبح الملك ، كان أول وزير يختاره هو صديق طفولته الوفي ؛ ابن الحطاب فكان له خير صديق وخير ناصح أمين .

Exit mobile version