استيقظ عم إدريس ذات يوم وهو على متن السفينة المتمركزة في إحدى الموانئ الإيطالية ، وتوجه على الفور إلى الأمير فؤاد الذي كان يخدمه منذ عشرين عامًا ، واعتاد أن يذهب برفقته إلى أي وجهة يقصدها .
وحينما رأى الأمير أمامه تهلل وجهه فرحًا وحمل البشارة إلى الملك ، ففي عشية اليوم السابق نام عم إدريس ورأى في منامه أن الملك فؤاد الأول سيتولى العرش ويصبح ملك مصر ، ففرح بذلك كثيرًا وتوجه لإخبار الأمير بأمر رؤياه ، ولكن الأمير لم يصدق تلك الرؤيا لأنه كان هناك من أحق وأقرب منه للعرش .
لذا اعتبر حلم عم إدريس مجرد أمنية من خادمه المخلص ، ولكن عم إدريس كان يؤكد حلمه ذلك للأمير فضحك الأمير وقال له : أنت مجنون مثل حلمك يا إدريس ، ومن باب السخرية والضحك وعدم تصديق كلام عم إدريس قال له الأمير : حسنًا إذا حدث وتوليت العرش كما تقول سأضع صورتك على الجنيه يا إدريس .
ومرت الأيام واقتربت السفينة من ميناء الإسكندرية فجاء إليهم الخبر اليقين حيث رفض الأمير كمال الدين تولي عرش مصر وتنازل عنه ، لكن ظل هناك الأمير عبد المنعم ابن الخديوي عباس فكان هو الوريث التالي للعرش ، ولكن شاءت الأقدار وتدخل الإنجليز في أمر توليته فرفصوا وجوده .
وفوجئ الأمير فؤاد الأول بنفسه يقترب من العرش خاصة بعد هجرة الأمير كمال الدين وأسرته خارج البلاد تاركًا ذلك المسرح السياسي لمن يعتليه ، وبالفعل أصبح الأمير فؤاد هو الملك فذهب إلى سراي عابدين ، ووجد عم إدريس يصلي فجلس إلى جواره إلى أن انتهى من صلاته .
ثم قال له : انهض يا إدريس بك فاستغرب عم إدريس كثيرًا من ذلك اللقب الذي ناداه به الأمير ، فلم تكن الرتب والألقاب تمنح حينها إلا لعلية القوم ، فقطع عليه الأمير حيرته وتساؤلاته قائلًا : لقد صحت رؤياك وتحقق حلمك يا عم إدريس وأصبحت بالفعل سلطان مصر .
وستكون صورتك هي أول صورة تطبع على الجنيه الذي تصدره حكومتي كما وعدتك من قبل ، و بالفعل وفى الملك فؤاد بوعده للفلاح الفقير عم إدريس ، وتم صك صورته على العملة في 4 يوليو م1925 و سمي الجنيه وقتها بجنيه إدريس ليخلد الحلم صاحبه ويحوله من مجرد خادم فقير لرجل يدخل التاريخ وينغمس فيه .