قصة عن قيمة الأخوة للأطفال

في قرية منعزلة على إحدى الجبال كان أبي يحرث الأرض الصفراء الجافة لكي يزرعها وكنا نعيش حياة بسيطة للغاية ، لم يكن لدينا المال الكثير وفي إحدى الأيام كنت أرغب أن أشترى منديلًا للرأس مثل باقي الفتيات بالقرية ، فقمت بسرقة 50 سنتًا من خزانة أبي وأكتشف والدي أن المبلغ قد سرق ، فطلبني أنا وأخي وسألنا من سرق المال وأين ذهب ؟

كنت في غاية الخوف ولم يعترف منا أحد بتلك الفعلة ، فقال أبي إذن سأقوم بعقابكما أنتما الاثنان ، فأخذ أخي الصغير أدم  بيد والدي وقال له : أنا من فعل ذلك وأنا من يستحق العقاب ، وبالفعل عاقبه والدي بالضرب الشديد ، وكنت في غاية الحزن على ما يحدث لأخي لأنني أنا من يستحق هذا العقاب وليس هو .

وعندما ذهبنا للنوم أردت أن أعترف وأصرخ بصوتٍ عالٍ ، ولكن أخي غطى فمي بيده وقال لي : لا تبكي بعد الآن كل شيء قد حدث وانتهى الأمر ، لم أنسى أبدًا تعبير أخي في ذلك اليوم حينما حاول حمايتي ، ومازلت ألوم نفسي لعدم اعترافي بما فعلت .

كان أخي أدم بسن الثامنة وأنا في سن الحادية عشر ، أكملنا معًا  دراستنا حتى وصلنا المرحلة الثانوية ونجحنا بدرجات ممتازة ، بعدها تم قبول أخي للدراسة بإحدى الجامعات وأنا أيضًا تم قبولي للدراسة بإحدى الجامعات المتميزة .

في تلك الليلة كان أبي يجلس في فناء المنزل ويتحدث مع أمي ويقول : إن كلا الطفلين لديهم نتائج جيدة جدًا وتم قبولهم في الجامعات ، فكيف سنوفر لهم مصاريف وتكاليف تعليمهم ، حينها بكت أمي وانهمرت دموعها ، وفي هذا الوقت كان أخي أدم يسمع حديثهما أيضًا ، فخرج ووقف أمام أبي وقال له : يا أبي أنا لا أريد مواصلة دراستي بعد الآن ، فغصب أبي منه كثيرًا وقال له أنت لا تملك العزم والإصرار وروحك أراها ضعيفة للغاية ، سوف تدرس يا بني أنت وأختك حتى لو قمت بالعمل ليل نهار .

وبالفعل قام والدي بالاقتراض من الجميع لكي نتمكن من الدراسة  ، وذهبت أنا إلى أخي وقلت له : يجب عليك أنت يا أخي أن تكمل دراستك لكي تنتشلنا من الفقر فأنا بنت مصيري الزواج أما أنت فالتعليم سيغير مصيرك إلى الأبد ، يومها أخبرته أنني لن أكمل دراستي الجامعية ، ولكني فوجئت في اليوم التالي بأخي يغادر المنزل تاركًا لي جوابًا يقول فيه : أختي الغالية إن الدخول إلى الجامعة ليس بالأمر السهل ، سأبحث عن وظيفة وسأرسل لكِ المال لكي تكملي تعليمك .

وقتها بكيت بكاءً شديدًا حتى فقدت صوتي ، ومرت أيام دون أن يعود أخي واقترض أبي بعض الأموال من جيراننا كي يلحقني بالجامعة ، وبعد فترة عاد أخي وأعطاني بعض الأموال التي كان قد كسبها من عمله في مجال البناء وتمكنت من دخولي الجامعة ، أما أخي فظل يعمل ويساعد أبي وتخلى عن حلمة ليحقق لي حلمي .

و أنا الآن في العشرين من عمري مازلت أدرس بالعام الدراسي الثالث ، وأخي بسن 17 عامًا وذات مرة بينما كنت بسكن الطالبات الجامعي ، دخلت عليّ زميله وقالت لي : هناك قروي ينتظرك بالخارج أخذت أفكر في هذا القروي الذي أتى من يكون وماذا يريد ؟ خرجت لأقابله وعندما نظرت من بعيد وجدت أخي ، كان جسده كله مغطى بالأوساخ والغبار من أثار عمله في موقع البناء ، فسألته لماذا لم تخبر رفيقتي في السكن بأنك أخي ؟

فأجاب بابتسامة خجولة تملأ وجهه : انظري إلى مظهري ماذا سيفكرون إذا عرفوا أنني أخوك ألن يضحكوا على مظهري ويقللون من شأنك ، فبكيت والدموع تملأ عيني وأزلت الغبار من على وجه أخي ، وقلت له لا يهمني ما سيقوله الناس فأنت أخي بغض النظر عن مظهرك .

حينها أخرج أخي أدم من جيبه حلية توضع بالشعر على شكل فراشة جميلة ووضعها بشعري ، ثم قال لقد رأيت كل فتيات المدينة يضعونها فاعتقدت أنه يجب أن يكون لديكِ واحدة مثلهن ، فبكيت بشدة واحتضنت أخي الصغير ، وعندما صرت في سن الـ 23 تزوجت وعشت بالمدينة ، وكان زوجي يحب عائلتي كثيرًا فدعاهم للعيش معنا بالمدينة لكنهم رفضوا .

وبعد فترة أصبح زوجي مديرًا للمصنع الذي كان يعمل به ، وعرض على أخي أن يعمل معه بقسم الصيانة ويكون رئيسًا القسم ، ولكن أخي رفض وأصر على العمل الحر ، وفي إحدى الأيام كان أخي علي قمة أحد السلالم يصلح عيبًا كهربائيًا في أحد الأبنية ، فأصيب بصعقة كهربائية سقط على إثرها وتم إرساله إلى المستشفي .

وقمت يومها بزيارته أنا وزوجي فوجدت ساقه بالجبس ، تذمرت كثيرًا وقلت له : لماذا لم تقبل عرض زوجي بالعمل مديرًا لقسم الصيانة بالمصنع ، كنت ستحصل على المال الوفير ولم يكن ليصيبك أذى ؟ فدافع أخي عن قراره وقال ماذا سيحدث إذا كنت قد قبلت هذا المنصب وأنا لا أحمل الشهادة المطلوبة ؟ كانت الشائعات ستنال من سمعة زوجك وأنا لا اقبل بذلك أبدًا .

فتعجبت لذلك ونظرت إلى زوجي فوجدته يبكي ، فبكيت أنا الأخرى وقلت له إنك تفتقر للشهادة الجامعية بسببي أنا ، فقال لي : لا تبكي يا أختي الغالية أبدًا ، أنا من أردت ذلك ولو عاد بي الزمن ألاف المرات لفعلت نفس ما فعلته ، تعافي أخي بعد فترة وحينما صار بعمر 29 عامًا تزوج فتاة من القرية ، وفي حفل الزواج سأله كبير القرية من هو الشخص الذي تحترمه وتحبه أكثر ؟

لم يأخذ وقتًا طويلًا في التفكير حتى قال أختي سالي بالطبع ، ثم قال : عندما كنا بالمدرسة الابتدائية كنا نسير مسافة طويلة للعودة من المدرسة في أيام البرد الشديد ، وفي أحد الأيام أضعت أحد القفازات الخاصة بى فأعطتني أختي قفازها،  ومشينا مسافة طويلة كانت فيها يدي أختي ترتجف من شدة البرد ، وبعد العودة إلى المنزل لم تستطع أن تطوي يدها إلا بعد فترة طويلة .

فأقسمت بأنني سأعتني بها طوال حياتي مثلما اعتنت بي فيذلك اليوم وسوف أكون دائمًا سندًا وعونًا لها ، فصفق كل من بالغرفة ثم نظر الجميع لي ، لم أستطع أن أتمالك نفسي يومها وانهمرت دموعي ، وعجزت عن الكلام حينما سمعت أخي الذي ضحى بكل شيء من أجلي يقول ذلك .