Site icon ترند بالعربي – Trend Bel Arabi

قصة المنديل السحري

يُحكى أن فلاحًا ميسور الحال كان يعيش مع زوجته وأولاده الخمسة في قرية من قرى من المدينة ، وكان هذا الفلاح يقتات من زراعة الأرض وينفق من خيرها على أسرته ، ولكن في أحد مواسم الزراعة انحبس المطر ولم يسقط كعادته ويسقي حقله الصغير ، فحزن الفلاح لذلك حزنًا شديدًا وأخذ يغني متوسلًا المطر للنزول ، ولكن المطر لم ينزل .

فلازم الفلاح بيته وأصابه الهم واليأس ، وعز على زوجته أن تراه على تلك الحال فأخذت تواسيه وتنصحه ألا يستسلم لسوء حظه ، ويسعى في الأرض بحثًا عن رزقه الذي كتبه له الله عز وجل ، لم يكترث الفلاح بكلام زوجته وأخذ يسخر مما قالته له فقد جف حقله وأكلت العصافير الحبوب التي وضعها فيه .

ولكن الزوجة لم تيأس وعادت من جديد تحث زوجها على الخروج والسعي في الأرض بحثًا عن رزقه ، وأخيرًا اقتنع الزوج بنصيحة زوجته ، وقرر السفر إلى خارج بلدته بحثًا عن بابٍ جديد للرزق ، وخلال رحلته تلك قابل العديد من المشقات والأهوال حتى وصل إلى قصر السلطان .

وهناك وقف على بابه يستأذن الحارس في الدخول ولكنه حاول منعه ، فسمع السلطان صوتهما وطلب من الحارس أن يأذن له في الدخول ، ولما دخل الفلاح على السلطان سأله عما يريده ، فقال الفلاح : يا مولاي لقد جئتك من قرية بعيدة بعد أن ضاق بي الحال وأود أن تسمح جلالتكم لي بالعمل في الزراعة حتى أقتات أنا وأسرتي من خيرك .

فقال له السلطان : ولكني لدي ما يكفي من المزارعين لذا ما رأيك أن تعمل في مهنة أخرى ، فأنا أحتاج عاملًا لتكسير الصخور والاستفادة منها ، فوافق الفلاح على عرض السلطان وأخبره السلطان أن يمنح العامل دينارًا من الذهب كل أسبوع أجرًا له على عمله .

فأطرق الفلاح رأسه مفكرًا ثم أخرج من جيبه منديلًا صغيرًا مطرزًا ببعض الخيوط الملونة ، وقال للسلطان : ما رأي مولاي أن يعطيني وزن هذا المنديل ذهبًا في نهاية كل أسبوع ، فضحك السلطان كثيرًا وأخذ يسخر من تفكير الفلاح الساذج ، فوزن المنديل خفيف جدًا مقارنة بالدينار الذهبية .

ووافق السلطان على اقتراح الفلاح الذي بدأ العمل بالفعل في تكسير الصخور ، ولأن هذا العمل شاقٌ جدًا كان الفلاح يتعرق كثيرًا ، وكان كلما نزل العرق على جبينه أخر منديله المطرز ومسح به عرقه المتساقط ، وظل الفلاح يعمل بجد واجتهاد طيلة الأسبوع وكان العرق يتصبب منه كحبات المطر المنهمرة ، فأخذه يمسحه بالمنديل حتى انتهى الأسبوع وجاء موعد دفع أجرة الأجير .

دخل الفلاح على السلطان ومعه منديله الصغير ، ثم وضعه في كفة الميزان كي يزنه الملك ويدفع له وزنه ذهبًا ، فاندهش السلطان حينما وجد أن وزن المنديل يساوي عشرة دنانير ذهبية ، حتى أنه ظن أن الميزان به خطب ما أو أن هذا الفلاح ما هو إلا ساحر ماكر ألقى بتعويذته على المنديل فأثقل وزنه .

وأراد السلطان أن يحاسب الفلاح على فعلته فهدده بالسجن أو القتل إن لم يعترف بما فعله في ذلك المنديل ، فابتسم الفلاح في ثقة وهدوء وقال يا مولاي السلطان : القصة ليس فيها من السحر شيء ولكنها تتلخص في عرق الإنسان .

فإن عمل الرجل عملًا شريفًا بكل تفاني والخلاص فإن عرق جبينه وقتها سيزن الكثير ، اقتنع السلطان بما قاله الفلاح وقال له : لقد استحققت الدنانير العشرة عن جدارة ، بارك الله لك في جهدك ومالك أيها الفلاح الطيب ، فشكر الفلاح السلطان وغادر وهو سعيد مسرور إلى زوجته وتبدلت حياتهم من ضيقٍ إلى سعادة ورخاء .

Exit mobile version