قصة الثعلب والغراب

كثيرًا ما ينصحنا الأهل ، ومن هم أكبر منا ويهمهم شأننا ، بألا نقف ونتحدث مع الغرباء ، أو نمنحهم أمانًا كبيرًا وثقة ، ونحن لا نعلم عنهم أي شيء ، فالعالم مليء بالأشرار ، ممن يمكنهم أن يؤذوننا ، بالإضافة إلى أن استماعنا لنصائح الأهل ، تجعلنا بارين بهم فهم أكثر من يعلمون أن بالحياة ، أناسًا أشرارًا قد يجذبوننا بالحديث المعسول ، والمديح المبالغ فيه حتى نسقط في شباكهم ، ويستطيعون مهاجمتنا فيما بعد ، ولعل هذا ما حدث مع الغراب المسكين .

في الغابة الجميلة ذات الأشجار العالية ، والنهر الصافي كان الثعلب المكار ، يتجول يمينًا ويسارًا بحثًا عن طعام يأكله ، إلا أنه سار كثيرًا دون جدوى ، فجلس يستظل تحت إحدى الأشجار ، حتى بدأ النوم يداعب عينيه فنام قليلاً .

مرت بضع ساعات ثم استيقظ الثعلب المكار ، وهو في غاية الجوع ، ولكن بمجرد أن فتح عينيه لمح الغراب ، يقف أعلى غصن الشجرة التي يمكث هو أسفلها ، وكان الغراب يحمل في فمه قطعة من الجبن اللذيذ ، هنا بدأت الأفكار الماكرة تلعب بعقل الثعلب ، وبدأ في التخطيط ، كيف يمكنه أن يحصل على قطعة الجبن تلك من الغراب ، ثم أتته فكرة ماكرة .

رفع الثعلب المكار رأسه إلى الأعلى ، وتحدث إلى الغراب وقال له ، السلام عليكم أيها الغراب الجميل ، أنا الثعلب ثعلوب ، أعيش معك في نفس هذه الغابة الجميلة ، هل يمكنني أن أتعرف إليك ، يمكنك أن تغني لي شيئًا ، فقد سمعت أن صوتك جميل جدًا ، وأرغب في الاستماع له .

كانت خطة الثعلب تقتضي أن يتحدث إلى الغراب ، ويحصل على ثقته خلال دقائق ، ثم يغريه بالغناء بمديح زائف له ، فيبدأ الغراب في الغناء وتسقط قطعة الجبن من فمه الصغير ، ويحصل الثعلب عليها ، فالثعلب لا يستطيع الطيران كما نعلم ، وكانت تلك هي الفكرة في أن يحاول إسقاط قطعة الخبز .

بالطبع شعر الغراب بالغرور ، وأخذته العزة بالإثم وصدق مديح الثعلب ، الكاذب به وبصوته ، وبدأ يفكر في نفسه وأنه طائر جميل ومميز وله صوت عذب! يا له من غرور ، وقرر الغراب أن يفتح فمه ويبدأ في الغناء ، ولكنه قبل أن يفعل كان ذكيًا بشدة ، وتذكر حديث أمه كثيرًا بشأن الثعلب الماكر ، وحيله الكثيرة للإيقاع بفرائسه وضحاياه ، فقرر أن ينفض عن نفسه الغرور وينج بنفسه ، فأخرج قطعة الجبن من فمه ، ووضعها أسفل جناحه وبدأ في الغناء .

كان صوت الغراب بشع للغاية ، وقد أصر على فعل ذلك حتى يدرك الثعلب الماكر ، أن الغراب ليس غبيًا وأنه يمكنه أن يزعجه ، وألا يكون فريسة له ، فسد الثعلب أذنيه بيديه وقال له ، حسنًا لقد تعلمت الدرس ، ويجب على أن أبحث عن طعامي بنفسي ، وألا أسرقه من الآخرين .