قصة قوة الحياة

على قمة التلة الخضراء العالية في بلاد بعيدة كان يعيش صبي صغير على جده العجوز الذي يرعاه ويحبه كثيرًا ، وإذ كان الجد يخرج كل يوم إلى حقله ليعمل فيه طول النهار كان الصبي يخرج كل صباح مع شروق الشمس يقف على قمة التلة العالية ينظر إلى الأفق ويفتح رئتيه للهواء فما تلبس الشمس أن تغمره بنورها وتغمره معها سعادة كبيرة عندما يشعر بقوة أشاعتها تتسلل إلى جسمه .

كان يحب الشمس فهي تسكن ضيائها في بريق عينيه في تألق شعراته الذهبية وفي لون بشرته السمراء وهي التي تسكن في جسده قوة خارقة تمنح الحياة لكل ما حولها ، وكان ينظر من قمة التلة إلى البعيد فيرى بحرًا واسعًا أزرق اللون كأنه تاج متدفق ، كان ذلك يسحره ويشده لمغامرة جديدة فقد اعتاد أن يرافق جده في مغامرات كثيرة يكتشف فيها العالم من حوله ، ولكن الجد الآن أصبح طاعن في السن وها هو يقول له لقد تقدم بي السن يا بني ولابد لي أن أرحل عنك قريبًا عليك أن تتسلح بالمعرفة والعمل الدءوب .

وكان الجد وهو رجلُ حكيم متواضع وبسيط يعرف أن حفيده ليس صبي عاديًا ويعرف أن الشمس تمنحه كل يوم قوتها الخارقة ويصبح قادرًا كل يوم على أن يعيد الحياة لما حوله ، ما أن يمسك به بيديه القويتين ولكن الشمس عندما كانت تغيب معها قوة الصبي ، لقد سمعه ذات مرة يقول لوردة الصباح الذابلة لا تحزني يا نبتي العزيزة سأسكب في عروقك قوتي .

ويقول لكلبه وهو يمسح عليه لقد أصبحت هرمًا يا صديقي وكنت معي دائمًا لم تفارقني يومًا لن أدعك تموت ، سوف أعيد الحياة إلى جسمك ، ولكن الصبي لم يكن ليدرك أن جده عندما كان يأخذه معه إلى الحقل ويطلب منه أن يزرع الزرع ويعتني به ويحصد ثماره بعد مدة يريده أن يعتمد على قوة الحياة الحقيقة وهي العمل وذات يوم تأخر الصبي عند قمة التلة الخضراء على غير عادته حتى أوشكت الشمس على المغيب ، وقبل أن يعود إلى البيت أسرع يجمع أغصان الشجرة الكبيرة التي كسرتها العاصفة وأخذ يغرسها في الأرض من جديد وضوء الشمس يملأ عينيه والأمل يملأ صدره بأنها ستصبح أشجارًا قوية مثل الشجرة الكبيرة .

وعندما وصل إلى بيته وجد جده وقد فارق الحياة فأسرع نحوه وهو يظن أن قوته الخارقة سوف تجعل جده يعيش من جديد ولكنه عندما التفت نحو السماء ناظرًا إلى الشمس وجدها قد غابت ولم تخلف ورائها في الأفق سوى شعاع أحمر وعندما أمسك بالعجوز بيديه القويتين لم تعد إلى الحياة لقد عجزت قوة الخارقة على أن تمنح الحياة حتى لأحب الناس إلى قلبه فأطرق والحزن يطلق عينيه وفكر طويلًا وأدرك أنه لا يمكن للحياة أن تستمر فقط من خلال الجد والعمل وأن عليه أن يعتمد على نفسه وعلى دأبه لا على ما منحته له الطبيعية ..