قصة مازن والعنكبوت زوزو

مازن وسحر طفلان صغيران ، يعيشان في منزل متوسط الحال في قرية جميلة ، وقد اعتادا على الذهاب سويًا إلى المدرسة ، والعودة منها سويًا أيضًا ، وفي أحد الأيام كان مازن وشقيقته ، في طريقهما إلى المنزل وقد مرا في هذا اليوم ، ببستان صغير ممتلئ بالفواكه ، حيث تتدلى الفاكهة من بين الشجيرات داخل البستان ، فدخل الطفلين إلى البستان وأخذا يتأملان ، تلك الأشجار وثمارها الناضجة .

وأثناء تأمل سحر لإحدى أشجار التفاح ، قال لها مازن انظري إلى تلك الخيوط هناك ، فاستدارت سحر لتجد خيوطًا بيضاء شفافة ورفيعة ، فانبهرت بها وأخبرها مازن ، أنها خيوط العنكبوت فبسطت سحر يدها ، للإمساك بخيوط العنكبوت ولكنها اختفت فجأة ، فضحك مازن وأخبرها أن العناكب تصنع لنفسها بيوتًا ، من خيوط ضعيفة ورفيعة للغاية ، ما أن يتم الإمساك بها حتى تتدمر فورًا .

تساءلت سحر بدهشة لم تفعل العناكب هذا الأمر ، ومن الممكن أن تعيش بالكهوف مثلاً حيث تحتمي ، بدلاً من تلك الخيوط الرفيعة وسهلة التدمير ، فضحك مازن ساخرًا لابد أن هذا الأمر يعود إلى ضيق تفكير العناكب .

أثناء حديث الطفلين ، كان العنكبوت زوزو يقف متواريًا ، داخل الشجرة ويستمع إليهما ، فسمع مازن يخبر شقيقته بأن العنكبوت مخلوق أحمق ، وعندما سألته شقيقته لم يقول هذا ، أجابها بتهكم أن العنكبوت يترك القصور الفاخرة ، والخزائن الذاخرة بما لذ وطاب ، ويذهب ليبني بيته من خيوط واهية وضعيفة ، في الأماكن القاحلة ولو امتدت إليها الأيادي ، لتهدمت بسرعة .

هنا انزعج العنكبوت زوزو من هذا الحديث ، وخرج من مكانه خلف إحدى أوراق الشجرة ، وقال لمازن كيف لك أن تتحدث بهذا الأسلوب عني ؟ هل آذيتك في شيء من قبل ، فأنا موجود في هذا المكان من زمن بعيد ، ولم أتلف شيئًا او أدمر محصولاً أو ثمارًا ، فلماذا تتحدث بشأني بتلك طريقة .

فنظرت سحر إلى شقيقها ، بعد أنا فاجأها العنكبوت بجوابه ، وأستكمل قائلاً لمازن أنه يقيّم الناس ، من وجهة نظره الظاهرية دون النظر إلى حقيقتها وباطنها ، حيث اتهمه مازن بالحمق لأنه اتخذ من الأماكن المهجورة ، بيتًا له دون القصور ، ولكن في الحقيقة أن زوزو يفعل ذلك ، لأن تلك الأماكن هي التي توفر له طعامه ، وإذا نظر إلى الناس من حوله ، لوجد كل شخص يعمل في عمل مختلف عن الآخر ، وإلا لارتاحوا جميعًا وبحثوا عن الرفاهية .

ولكن مازن رفض الاقتناع بكلام العنكبوت زوزو ، وأخبره أنه صغير للغاية ولا نفع له ، فحزن زوزو منه وذكّره ، بأن الرسول عليه الصلاة والسلام ، عندما اختبأ داخل الغار ، سخر الله له العنكبوت ينسج خيوطه في سرعة ، ليحميه من غدر المشركين ، وهذا ما خدعهم بالفعل لأن بيت العنكبوت ضعيف ، فإذا كان الرسول قد مر من خلاله لكانت خيوطه ، قد تقطعت .

ثم أشار زوزو إلى ذبابة علقت بخيوطه ، فابتسم وأخبر مازن وسحر بأن الله ، قد أرسل إليه رزقه حيث علقت تلك الذبابة بخيوطه لكي يأكلها. فشعر مازن بالخجل من العنكبوت زوزو واعتذر على ما بدر منه ، وقال فعلاً الأحمق هو من ينظر إلى ظاهر الغير وليس باطنه وجوهره الحقيقي ، ويعتمد على الغير في الرزق ، بينما الله وحده من يرزقه كيفما يشاء .