قصة الفيل والأرنب

في الغابة الجميلة ، المطلة على نهر تتلألأ مياهه ، مع شروق الشمس كل يوم في الصباح ، وتمنحك جمالاً لم تراه عيناك من قبل ، مع ضوء القمر المتوهج ليلاً ، تعيش مجموعة من الأرانب الصغيرة معًا ، يأكلون ويمرحون ويعملون ، كان حياتهم لطيفة وهادئة للغاية لسنوات طويلة ، حتى أتى الفيل الكبير .

هذا الفيل الضخم له أربعة أقدام وخرطوم طويل ، وأذنين كبيرتين ، وما أن يمر بمنازلهم في الغابة حيث يخرج للتنزه كل يوم ، فيدمر بيوتهم التي شقوا وهم يعملون على إنشائها ، فما كان منهم سوى أن تذمروا وغضبوا جدًا مع عدم مراعاة الفيل ، لحقوق جيرانه الأرانب عليه .

اجتمعت الأرانب الغاضبة معًا ، في أحد الأيام على ضفاف النهر حتى يبحثون فيما يجب عليهم فعله ، بشأن الفيل وكيف يمكنهم الحفاظ على بيوتهم ، في ظل وجود بالغابة .

قال أحد الأرانب عند اجتماعهم ، أن الفيل له خرطوم طويل وسناه كبيرتان ، بالإضافة إلى ضخامة أطرافه ، ونحن ضعاف ببنيتنا هزيلة وأحجامها صغيرة ، فكيف لنا أن ندخل في صراع مع هذا الفيل الكبير ؟

بينما قال آخر مستشيرًا إخوانه ، ما رأيكم لو تركنا له تلك المنطقة وذهبنا إلى مكان آخر ، حتى لا نواجه هذا الفيل الضخم المعتدي ؟ فأجابه أكبرهم مستنكرًا كيف لنا ، أن نترك أرضنا ووطننا الذي نعيش فيه ، بتلك السهولة لأي حيوان من حيوانات الغابة ، يعتدي عليه وهو معتمد على ضخامته وقلة حيلتنا ، لا والله ما نترك أرضنا أو وطننا هذا دون دفاع عنه .

فاقترح آخر أن تذهب مجموعة صغيرة منهم ، وتذهب إلى الفيل حيث يسكن ويستعطفونه ، حتى يترك منازلهم بلا تدمير ، فاستنكر البعض ما تم اقتراحه كيف يستعطفون معتديًا عليهم بهذا الشكل ، ضعفهم ليس وسيلة حتى يشعروا بالذل هكذا .

هنا تحدث أرنب آخر وقال ؛ هذا الفيل على الرغم من ضخامته إلا أنهم أصحاب حق ، وهو مهما بلغت قوته البدينة فقد لا يستطيع التغلب ، على قوتهم العقلية وتفكيرهم ، وهذا هو واجبهم نحو أرضهم التي عاشوا وترعرعوا فيها سنوات طويلة ، وهذا هو السبيل الوحيد لتحقيق النصر عليه ، بقوة التفكير والعقل .

تحمست الأرانب جميعها وقد عزموا على تخليص أرضهم ، من هذا المعتدي البغيض دون أن يتركوا منها شبرًا واحدًا له ، وتساءلوا فيما بينهم عما يجب أن يفعوا ، فأجابهم الأرنب صاحب الخطة أنهم سوف يحفرون للفيل حفرة ضخمة ، في الطريق الذي يسلكه دائمًا من أجل تدمير منازلهم ، ثم يخفون أمرها بوضع الأغصان والأشجار عليها ، فلا يدري أن هناك حفرة أسفل تلك الأغصان .

بدأت الأرانب في تنفيذ الخطة بالحفر ، فظلوا يحفرون طوال الليل حتى يتسنى لهم الانتهاء قبل الصباح ، وقدوم الفيل من هذا الطريق كالمعتاد ، وبالفعل قاموا بالتنفيذ وأنهوا مهمتهم قبل بزوغ الفجر .

مع إشراق الصباح مشى الفيل كما اعتدا ، عازمًا على تدمير منازل الأرانب كما يفعل كل يوم وهو مسرور ، بقوته ويشعر أنه لا مثيل له في الكون ، وأنهم أضعف من أن يقاوموا هذا العدوان عليهم ، فسار الفيل مختالاً بنفسه وما أن عبر فوق الحفرة حتى سقط فيها ، فظل يصرخ ويبكي فأتاه الأرانب ، بمجرد أن سمعوا صوته وأخبروه أنهم ليسوا ضعفاء كما اعتقد هو ، وأن العقل قد يغلب القوة البدنية إذا ما تم التفكير الصحيح ، فاعتذر لهم الفيل عما فعل بهم وأيقن أن القوة ليست بالجسد وإنما بقوة التفكير والعقل .