قصة الفتى المغرور

يحكي أنه كان هناك فتى مغرور يدعى مارك ، كان يسير دائمًا في القرية ، واضعًا يديه في جيوبه ، وعينيه تنظر للأسفل ولا يتحدث مع أحد ، لهذا كان الأولاد يتجنبوه ولا يقولون له شيئًا ولا يلعبون معه ، وعندما كان يتوارى عن الأنظار كانوا يشعرون أنهم يتنفسون بحرية أكثر .

لذلك ظل الولد المغرور وحيدًا ، ولم يكن لديه أي أصدقاء سوى مجموعة الأبواب والنوافذ وبعض الكلاب الضالة ، والأشجار الخضراء وقطيع من الإوز يرسو على الضفة أمام منزله ، وذات يوم كان يسير الفتى في طريق يسمي طريق كوخ ويفر ، وبينما هو يسير التقى بابن الخياط  الذي يدعي صامويل .

كان إبن الخياط أكثر ضجيجًا من أي صبي آخر في القرية ، وكان جريئًا لا يعبأ بتعليقات الآخرين ولا يهتم بما يقولونه عليه في حال أنه أخطأ ، لذلك كان الجيران يعتقدون أنه كان فتى مغامر ، وسوف يفعل العجائب عندما يكبر  ويصير رجلًا .

لكن صامويل نفسه كان يأمل أن يصبح مسافرًا عظيمًا ، يقضي حياته بين السفر والترحال لفترة طويلة في الأراضي البعيدة ، عندما رأى صامويل الفتى المغرور في الطريق ، رقص أمامه واستفزه كثيرًا ، حتى أنه أثاره بشده ولعب بوجهه وأخرج له لسانه ، ومارس معه كل أنواع الاستفزاز .

الأمر الذي أغضب الفتى المتفاخر وجعله يمسك بقبعة ابن الخياط ويرميها على الطريق ، فبكى ابن الخياط وغادر دون أن ينتظر ليلتقط قبعته ، وجلس بعدها وحيدًا وهو يبكي في ساحة النجارة ، وبعد بضعة دقائق جاء الصبي المتفاخر مارك وأعاد له قبعته .

وهو يقول بأدب : لا تقلق ليس هناك غبار عليها ولكنك كنت تستحق ما فعلته بك ، لأنك أغضبتني كثيرًا  ، ولكن أنا أسف فقد كنت وقحًا معك جدًا ، حين رميت قبعتك على الطريق ، فنظر إليه صامويل في اندهاش وقال له : لقد ظننت أنك شخص مغرور ، ولم أكن أعتقد أنك ستعيد لي قبعتي مرة ثانية .

فقال مارك في هدوء : لا ، أنا لست كذلك ، لقد كنت هكذا في الماضي وفعلت أشياء حمقى كثيرة جعلتكم تظنون أني مغرور ، ولكن استطعت تغيير نفسي فالأمر يتطلب فقط بعض الشجاعة ، للتخلي عن صفة التفاخر .

فقال ابن الخياط ولكني أريد أن أكون متفاخرًا لما لا تعلمني كيف أفعل هذا ؟ أجاب مارك : الأمر بسيط وفجأة حول عينيه إلى أسفل ووضع يده في جيوبه وأخذ يسير بعيدًا بهدوء ، ثم قال : هكذا يمكنك أن تكون متفاخرًا ولكنك ستكون وحيدًا .

ففهم صامويل أن مارك ينصحه بالابتعاد عن التفاخر والتكبر ، وعدم الابتعاد عن أقرانه ليعيش سعيدًا ولا يكون وحيدًا ، ومن يومها أصبح صامويل صديقًا مقربًا لمارك ، وتعلم كل منهم درسًا مختلفًا .

الأول أن مارك يجب ألا يتجنب الآخرين ، ولا ينطوي على نفسه ويتفاعل مع أصدقائه ليعيش سعيدًا ، والثاني أن صامويل لا بد أن يعترف بأخطائه ولا يتعمد استفزاز زملائه ليكون سعيدًا ويحبونه ويحبهم .