قصة بطبط والثعلب

في أحد الأيام المشرقة داخل الغابة ، توجه الثعلب الماكر نحو شجرة الصفصاف المطلة على بركة الغابة ، وذلك بعد أن غادرتها البطة بطوطة ، وزوجها بطوط وتركا ابنها بطبط داخل العش ، وقد نصحاه دائمًا بألا يقترب أحد من العش ، أو يخرج هو تاركًا عشهم للقاء الغرباء ، فالثعلب الماكر قد يرتدي قناعًا ما ، ويذهب إليه ويقنعه بأنه بط مثلهم ، وفي الحقيقة هو ليس كذلك وهو يخادعه في محاولة منه لأكله .

منذ ذلك الحين كلما خرجت بطة وبطوط للتنزه ، أو العمل وجلب احتياجاتهم وبطبط يحفظ نصائحهما عن ظهر قلب ، وفي ذلك اليوم أتى الثعلب الماكر بعد أن خرجت بطة وزوجها ، وتركا بطبط وحده ، فأقبل الثعلب أسفل الشجرة وصاح : يا بطبط .. يا بطبط ، فأجابه بطبط من بالخارج ؟ فقال الثعلب أن أرنوب ، فنظر بطبط من داخل العش ولكنه رأى ذيل الثعلب الماكر ، فقال له أنه ليس أرنوبًا وهو كاذب .

شعر الثعلب بالخجل جرّاء رد بطبط ، فقال له أنه كان يمزح معه فقط ، وتساءل مستفسرًا في محاولة منه لتغيير مجرى الحديث ، سمعت أنك قد سقطت بالأمس عن الشجرة ، ولم يصبك أذى ، فهل هذا صحيح يا بطبط؟  فأجابه بطبط متفاخرًا ومزهوًا بنفسه أن نعم ، وهي ليست المرة الأولى التي يقع فيها عن الشجرة ، ويسقط دون أي أذى .

فأجابه الثعلب وهو يتصنع الدهشة ، يا إلهي كيف تفعل ذلك ، هيا أرني ذلك يا بطبط ، ولكن بطبط أجابه ساخرًا لن أفعلها فأنت ماكر ولن تنطلي علي حيلتك ، وأعلم أنك ترغب في التهامي .

ولسبب خفيّ بدّل بطبط رأيه ، ولمعت عيناه فجأة ورآه الثعلب يقفز من العش ، فمد يديه يلتقطه فإذا به يجد بطبط بين جناحي أمه بطة ، وفجأة شعر بشيء قوي يدق رأسه ، لينظر خلفه فإذا به الأب بطوط ، وقد وقف أمامه غاضبًا ويقول له ماذا تفعل ، وصاحت به بطة هل كنت ستختطفه وتأكله ، فقال لها اتركيه هو لي ، فنقره بطوط في رأسه فشعر الثعلب بدوار شديد ، وقال له بطوط غاضبًا ماذا قلت الآن ؟ قال الثعلب بوهن قلت إنه إنه ليس لي ، فقال له بطوط بعد أن نقره ثالثة ، لم أسمع جيدًا ماذا قلت ، فقال الثعلب قبل أن يسقط مغشيًا عليه ، إنه ليس لي .

احتضنت بطة ابنها بطبط ، وشجعته وأثنت على ذكائه وأنه قد استمع إلى نصائحها هي ووالده بطوط ، فأجابهما بطبط أنه ليس لديه سواهما ، وهما فقط من يخافان عليه وبحق ، ولولا نصيحتهما له ، لكان الثعلب قد أكله ورقد بطبط في بطنه الآن .