قصة الفنان الماهر

منذ وقت طويل حكم ملك أعور العين البلاد ، كان ملكًا على رغم علته مولعًا بالفن والحرف اليدوية ، كان حازمًا لكنه طيب القلب ، لا يحب الكذب والرياء أراد أن يحكم شعبه بالعدل والحكمة ، وأراد لهم أن ينشئوا أسوياء أصحاء ، كان ذلك الملك يكره كل من يثني عليه زورًا أو ينافقه بصفة ليست فيه .

وقد ولد هذا الملك بعاهة في إحدى عينيه حيث كانت عينه اليسرى مغطاة بطبقة من الجلد لا يستطيع معها الرؤية ، أما اليمنى فكان يرى بها بصورة واضحة ، وذات يوم أعلن الملك عن رغبته في رسم صورة له ، فاجتمع الفنانون والموهوبون من كل أرجاء المملكة تلبية لأمر الملك .

وأخذ الملك يقيم أعمالهم ويختار من بينهم من سيرسم صورته ، حتى اختار منهم ثلاثة أمر كل واحد منهم برسم صورة له ، ووعدهم أن يجزل لهم المال والعطايا إن حازت الصورة على إعجابه ، أما إن حدث العكس فيسجن صاحبها وينال العقاب .

بدأ الثلاثة رسامين في تجهيز أدواتهم لرسم صورة الملك ، وبعد عدة أيام أنهى كل منهم صورته ، وذهبوا جميعًا ليعرضوها على الملك ، وكل واحد منهم يحلم بالمال والثراء الذي سيغرق فيه ، أظهر الفنان الأول صورته فكان فيها وجه الملك بعاهته المستديمة .

حيث رسم الفنان عيني الملك كما هما ، واحدة صحيحة والأخرى مغطاة بالجلد الذي يشوه شكلها ، فرأى الملك أن تلك الصورة تظهر عجزه البدني ، فغضب من صاحبها وأمر بسجنه عشر سنوات عقابًا له .

أما الفنان الثاني فكان على عكس الفنان الأول ، رسم وجه الملك بعينين صحيحتين ، فرأى الملك أن برسمته تلك يمنحه ما ليس فيه ، ويثني عليه كذبًا أملًا في نيل المكافأة ، فأمر الملك بسجنه أيضًا خمس سنوات عقابًا له .

أما الفنان الثالث فكان أكثرهما ذكاءً ، فلم يشوه وجه الملك برسم علته ، ولم ينافقه ويمنحه ما ليس فيه برسم العينين سليمتين ، فقد قام هذا الفنان الماهر برسم وجه الملك بعين واحدة فقط ، وهنا أعجب الملك ببراعة الفنان وذكاؤه وقرر منحه مكافأة كبيرة ، وعينه رسامًا للبلاط الملكي .