قصة الأخوة الإثنا عشر

يُحكى أنه في قديم الزمان كان هناك ملك وملكة يعيشان في وئام ، وكان لديهما من الأطفال اثنا عشر ولدًا ، وذات يوم قال الملك للملكة وهو حزين : قريبًا ستنجبين وإذا كان الطفل الثالث عشر الذي سيأتي إلى الدنيا بنتًا ، فإنها ستتسبب بموت أخوتها الاثنا عشر ، وستصبح المملكة ملكًا لها وحدها.

وأعد الملك اثنا عر تابوتًا من الخشب ووضع بهم النشارة ، وتركهم في غرفة مقفلة من غرف القصر ، وأمر زوجته الملكة ألا تخبر أحدًا بذلك السر ، ولكن الملكة الحزينة لم تستطيع كتمان سرها أمام طفلها الصغير بينيامين الذي كان دائم التودد إليها .

فلما سألها عن سر صمتها الدائم وحزنها أخبرته بأمر تلك النبوءة التي أعلمها بها الملك ، وأرته التوابيت الاثنا عشر فحزن بنيامين لذلك وقال لها : لا تقلقين يا أماه فسوف نحتاط لذلك ونهرب بعيدَا .

فقالت له الملكة : اذهب إلى الغابة مع أخوتك الإحدى عشر ، وبعد أيام على أحدكم أن يتسلق أعلى شجرة وينظر إلى برج القلعة ، إذا كان المولود ذكرًا ستجدون علمًا أبيض يرفرف فوقها وحينها يمكنكم العودة .

أما إذا كان المولود أنثى فستجدون العلم باللون الأحمر ، ومن ثم عليكم الهروب إلى أبعد مكان ، وسأستيقظ كل ليلة من أجلكم وأدعو الله ألا تعانوا في الشتاء من البرد ولا في الصيف من الحرارة .

بعد أن باركت الأم أطفالها خرجوا إلى الغابة ، واستقروا في مكان يستطيعون منه مراقبة القلعة ، وظلوا يتناوبوا كل يوم حتى جاء در بنيامين في اليوم الثاني عشر ، فرأى علمًا يرفرف في السماء أعلى برج القلعة ، ولكنه كان العلم الأحمر الذي كان موسومًا بلون الدم .

حينما علم باقي الأخوة بأمر ولادة الفتاة ، استشاطوا غضبًا وقرروا الانتقام من أي فتاة يرونها ، ثم تعمقوا بعد ذلك في الغابة وظلوا سائرين حتى وجدوا منزلًا مهجورًا ، فقرروا العيش فيه واتفقوا على أن يظل بينيامين الصغير في المنزل ، بينما يذهبون هم للصيد وجلب الطعام .

وهكذا كان الأخوة الإحدى عشر يخرجون كل يوم لصيد الأرانب والغزلان البرية والطيور ، وفي المساء يعودون إلى المنزل ويطهوها لهم بينيامين ، وظلوا على هذا الحال عشرة سنوات عاشوا فيها معًا بسلام ووئام .

كبرت الابنة الصغيرة التي أنجبتها الملكة وأصبحت شابة جميلة ، لها قلب طيب ووجه جميل ونجمة ذهبية تزين جبينها ، وفي يوم من الأيام رأت الأميرة الصغيرة اثنا عشر قميصًا صغيرًا علمت أنهم لا يخصون الملك ، فسألت أمها الملكة عنهم فقالت لها بقلب حزين : إنهم لإخوتك الاثنا عشر .

فتعجبت الفتاة وقالت لها : وأين هم أشقائي ولماذا لم أسمع عنهم من قبل ؟ ، فقالت الأم : الله وحده يعلم أين هم ، لقد غادروا منذ سنوات ولابد أنهم يتجولون الآن في العالم ، وبعد ذلك أخذت الفتاة وفتحت لها الغرفة المغلقة وأرت لها التوابيت الاثنا عشر ثم قصة عليها النبوءة التي تسبب بفراقها عن أبناءها ، وأخذت تبكي عليهم بحرقة ومرارة .

فقالت الفتاة لأمها : لا تحزني يا أماه سأذهب وأبحث عن أخوتي ولن يصيبهما مكروه ، وعلى الفور أخذت الأميرة الاثنا عشر قميصًا وذهبت إلى الغابة الكبيرة ، وظلت الأميرة تمشي طوال اليوم حتى حل عليها المساء ووجدت بيت جميل بحديقة رائعة في قلب الغابة ، فذهبت إليه وبالداخل وجدت صبي صغير .

فسألها من أنت وأين تذهبين ، فقالت له أنا الأميرة الصغيرة وأبحث عن أشقائي الاثنا عشر ، وسأظل أبحث عنهم طوال العمر حتى لو صعدت إلى السماء ، وأظهرت له القمصان الاثنا عشر ، فتحرك الحب في قلب بينيامين وقال لها أنا أخيكِ الأصغر بينيامين ، فأخذت الأميرة تبكي من الفرح ، فاحتضنا الاثنان بعضهما بحب كبير .

وفجأة قال لها بينيامين عليكِ أن تختبئ فقد اتفقت أنا وإخوتي على أن ننتقم من أي فتاة نلتقي بها ، فقالت الأميرة الجميلة : أنا مستعدة للموت بكل سرور إذا كان الثمن أن أسترد إخوتي ، فقال لها بينيامين : اختبئ هنا تحت ذلك الحوض ريثما أتحدث مع أخوتك ولن يحدث لك مكروه .

وعندما حل الليل وجاء الإخوة الاثنا عشر ، قال لها ببنيامين سأخبركم بشيء ولكن عدوني ألا تقتلوا الفتاة التي ستقابلونها ، فلما وعدوها بذلك أخبرهم عن أختهم الأميرة التي جاءت تبحث عنهم ، ورفع الحوض فظهرت الأميرة في ملابسها الملكية الجميلة ، ففرحوا برؤيتها واحتضنوها ، وظلت تعيش معهم في بيت الغابة .

فرح الجميع بقدوم الأميرة وخرجوا للصيد كما اعتادوا ، وتركوها في المنزل لمساعدة بينيامين ، ولما عادوا وجدوا المنزل غاية في الجمال والنظام ، وأعدت هي وبينيامين ألذ الطعام ، وفي اليوم التالي استيقظت الأميرة في الصباح وأرادت مفاجأة إخوتها ، فخرجت للحديقة ووجدت اثنتا عشرة زهرة جميلة فقطفتهما حتى تهدي بهم إخوتها .

ولكن بمجرد أن فعلت ذلك تحول الاثنا عشر أخًا إلى طيور ورافة ترفرف في السماء ، واختفى المنزل والحديقة من حولها ، فحزنت الأميرة أشد الحزن وأخذت تبكي ، وبينما هي كذلك وجدت امرأة عجوز تقترب منها وتقول لها : لما فعلتي ذلك يا صغيرتي ، لما قطفتي الأزهار الاثنا عشر وسحرتي أخوتك ؟

فقالت الأميرة وهي تبكي : لم أكن أعلم ولكن رجاءً أخبريني ألا يوجد حل كي أسترد إخوتي ؟ فقالت العجوز ليس هناك سوى حل واحد ولكنه صعب عليكِ ، فقالت الأميرة : أي صعب يهون من أجل أخوتي ، أرجوكِ أخبريني بالحل ، فقالت العجوز : ألا تتكلمين إلى أحد ولا تضحكين لمدة سبع سنوات ، وأن حدث وفعلتي فكلمة واحدة منك ستقتلهم .

فقالت في قلبها : سأصمت سبع سنوات وأنا على يقين أني سأسترد أخوتي ، وعلى الفور توجهت الفتاة لشجرة مليئة بالفاكهة واختارت أن تعيش فوقها بعيدة عن الناس تأكل من ثمارها وتنام بين أغصانها .

ومرت السنين وهي على ذاك الحال ، وذات يوم خرج ملك شاب للصيد ووصل إلى الغابة البعيدة ، وهناك رأى الملك الأميرة الشابة ذات النجمة الذهبية ترقد على الشجرة ، فانبهر بجمالها وطلب منها النزول والزواج منه ، ولكنها لم ترد عليه .

فصعد أعلى الشجرة وأنزلها وأعاد عليها طلب الزواج فلم ترد ولكنها أومأت برأسها ، وتزوج الملك الأميرة في عرس كبير ، وعاش معها في سعادة وحب حتى اقتربت السنوات السبعة على المرور ، ولكن كان للملك الشاب زوجة أب شريرة ، أغاظها ما يعيش فيه الملك من سعادة وحب مع زوجته الصامتة .

فأخذت تنفث السم في أذنه وتقول له : لقد جئت بامرأة متسولة لا نعرف عنها شيئًا ، فهي لا تتحدث ولا تضحك وأصحاب القلوب السيئة هم فقط من لا يضحكون ، لابد أنها ساحرة ، في البداية لم يصدقها الملك ولكنه اقتنع بحديثها بعد فترة وحكم على زوجته بالموت .

فأضاء الجنود نارًا كبيرة في فناء القصر ، وحكم على الأميرة بالحرق حتى الموت ، وحين تنفيذ الحكم كان باقي على مرور السبع سنوات عدة دقائق ، ولكن الأميرة لم تتكلم فأخذت النار تلتهم فستانها الجميل ، والملك ينظر إليها من شرفته وهو يبكي فقد كان يحبها .

وفجأة هبط من السماء اثنا عشر طيرا ، وتحولوا إلى رجالًا أخذوا يطفئون النار ، وأنقذوا أختهم الأميرة وأخذوا يقبلوها ويحتضنوها ، فرحت الأميرة بعودة أخوتها وأخيرًا تكلمت ، اندهش الأميرة وقال لها : إذا كنت تتحدثين لماذا ظللتِ صامتة خلال تلك السنوات دون أن تتحدثين أو تضحكين .

فحكت له الأميرة قصتها هي وأخوتها ، ففرح الأمير ببراءة الأميرة وحكم على زوجة أبيه بالموت ، فوضعوها ببرميل مليء بالزيت المغلي والثعابين السامة التي تنفث السم مثلما كانت تفعل هي ، ونالت زوجة الأب جزاءها فماتت على الفور .