بعدما كان يستخدمه الناس كوسيلة مواصلات ، جاء اليوم الذي يستخدم هو وسائل المواصلات ، فهو كان يدرك تمام الإدراك أن ذكائه ومكره سيوصله إلى هذه النتيجة في يومًا من الأيام ، وكان يشعر بالفرح الشديد وهو يرى الصحراء من خلفه تختفي وتتحول الأرض للون الرمادي وعلى جانبيها أراضي خضراء واسعة ، تنفس الجمل نفسًا طويلاً وهو يشعر بالسعادة المطلقة التي لم يتذوقها طوال حياته .
وكانت السيارة التي تحمل الجمل تمشي على سرعة عالية جدًا حتى انه كان يشعر بأنه هو من يقودها ، حيث كان هذا يذكره بسباقات الجمال والذي كان قد أشترك فيها مرة في شبابه وكان سيفوز لولا أنه تعثر في صخرة وسقط على الأرض ، ومن بعدها لم يدخل في سباقات أخرى وأصبح يقلل من سرعته العادية حتى لا يكون من بين المتميزين الذين يدخلون في السباقات .
وأثناء السير لمح الجمل عربية كارو محملة بالكثير من الأشياء ويجرها حمار ضعيف وعجوز ، أخذ الجمل يسخر من الحمار ويضحك عليه حتى بكى الحمار من سخرية الجمل وكلمات الاستهزاء التي سمعها ، ولكنه لم يرد عليه وأخذ يسير في بطئ وهو واثق من خطواته فهو يؤمن بالمقولة التي تقول الكلاب تعوي والقافلة تسير .
وبسبب سرعة السيارة التي تحمل الجمل ، اختفت عن أعينه الحمار وعربته فتوقف الجمل عن سخريته وبدأ يفكر في سبب إطلاق الناس هذا الاسم على الحمار ، ويفكر في أنه هو الأخر حاول صاحبه أن يحمله فوق طاقته .
ولكنه بسبب حيله ومكره لم يكن يخضع لأمرهم حيث كان يدعي المرض أو أنه تعثر في صخرة أثناء حمله الأشياء فيقع ويقع ما فوق ظهره ويخسر صاحب الجمل خسائر كبيرة بسبب إتلافه لبضاعته ، ولهذا السبب توقف صاحب الجمل عن الاعتماد عليه .
حدث الجمل نفسه قائلًا : الحمد لله ، تخلصت من عيشة الشقاء التي كنت أعيشها طوال حياتي ، الآن سوف أعيش حياة الرفاهية وأجد من يدللني ويحنو عليه ، وتوقفت السيارة فجأة أمام مبنى ضخم وكان الجمل متخيل أنه سيكون بيته الجديد .
قام السائق بإنزال الجمل من العربة وهو يشعر بالفرحة الشديدة من نظافة المكان الذي سيقيم فيه وأرضه الخضراء المزينة ، وشعر بالفرحة أكثر عندما جاء رجلًا يبدو عليه الطيبة ومعه جردل به لون أحمر وفرشاة وأخذ يلون الجمل باللون الأحمر ، ويزينه وبعدها خرج الرجل وذهب السائق وأغلق باب المجزر الآلي على الجمل ، فقد قرر صاحبه أن يبيعه بعدما شعر بأن لا فائدة من وجوده إلا الذبح .