كان الأسد ملك الغابة يعيش في غابة مليئة بالحيوانات ، ولكن من كل هذه الحيوانات كان هناك غراب وذئب دائمي التواجد حوله ، ولم يتركاه منذ مدة طويلة من الزمن ؛ فكانا يتبعاه إلى أي مكان ويأكلان مما يتبقى من طعام الأسد من فرائسه التي يصطادها .
وفي قرية قريبة من الغابة كان هناك يعيش رجل حطَّاب ، وكان قد قرر الذهاب إلى غابة ذاك الأسد مصطحبًا معه فأسه الخاصة ؛ لكي يبدأ في قطع أشجار من هذه الغابة ، وفي إحدى هذه الأيام التي كان الحطَّاب فيها مشغولًا بتقطيع الأشجار في الغابة سمع ضجيجًا يأتي من من خلف الأشجار ؛ فظل يفكر في ماهية هذا الصوت ومصدره !!
اتجه الحطَّاب إلى مصدر الصوت ، وما إن اقترب من المكان الذي يصدر منه الصوت حتى ظهر الأسد ، وهو ينظر إليه مباشرة كما لو كان على استعداد للانقضاض ، تفاجأ الرجل ولكنه كان رجلًا ذكيًا ؛ فقال بسرعة : تحياتي لك يا ملك هذه الغابة ، إنه لمن دواعي سروري أن التقي بك .
فوجئ الأسد وقال : من دواعي سرورك أن تقابلني ؟! هل أنت لا تخاف مني ؟! ، وما كان من الحطَّاب إلا أن قال : أنا أحترمك كثيرًا أيها الملك كنت آمل أن ألتقي بك ، هل تعرف إن زوجتي طاهية ماهرة ؟! فما رأيك أن تتذوق شيئًا من طعامها! ، لقد أحضرت معي من طعامها الكثير هل تشاركني جلالتك ؟!
حينها سأله الأسد متفاجئًا وقد رأى الطعام الذي وضعه أمامه الرجل ، والذي كان عبارة عن خضراوات متنوعة مطهوة : خضروات ؟! أنا لا أتناول الخضراوات أنا أتناول فقط اللحوم ، فجاوبه الحطَّاب قائلًا بفخر : إذا تذوقت طهي زوجتي سوف تتوقف عن تناول اللحم ، وكان الأسد جائعًا جدًا ؛ فقبل على مضض طعام الحطَّاب .
ظل الأسد يفكر في أنه من الجيد أن الذئب والغراب ليسا معه في ذلك اليوم ، حيث كان يعتقد أنهما سوف يضحكان عليه لتناوله الخضراوات ، وما إن تذوق الأسد حتى فوجئ بأن الطعام كان لذيذًا جدًا، وقال للحطًّاب : لم أتناول مثل هذا الطعام الجيد من قبل .
فقال له الحطَّاب : أنت مدعو إلى مشاركة طعامي معي كل يوم يا ملك الغابة ، ولكن لا أحد ينبغي أن يعرف عن صداقتنا ؛ فيجب أن تأتي إلي هنا بمفردك ، وعد الأسد الرجل وفي كل يوم كان الأسد يأكل الغداء الذي يجلبه الحطَّاب ، ونمت صداقتهم بسرعة غير عادية ؛ لتكون أقوى يومًا بعد يوم .
كان الغراب والذئب حريصين على معرفة سبب توقف الأسد عن الصيد ، وكذلك معرفة أين يذهب حين يرفض اصطحابهما معه ، وظل كل منهما يفكر أنه إن بقي الأمر على هذا الحال سوف يموتان جوعًا إذا كان الأسد سوف يتوقف عن الصيد لباقي حياته .
وبينما هما يفكران قال الغراب : دعنا نحاول معرفة ما حدث للأسد ، وما سر تغيره ، وفي الحال بدأ الغراب والذئب في مراقبة الأسد ، ومعرفة تحركاته ؛ فكانا يتبعاه من مسافة آمنة فوجداه يتناول وجبة الغداء التي يحضرها الحطَّاب .
قال الغراب : أهذا هو السبب في أن الأسد لا يصطاد الحيوانات ؟! إذًا علينا أن نعمل إفساد صداقة الحطَّاب مع الأسد ؛ لكي يعود إلى الصيد ، ونعود للاعتماد عليه في توفير الطعام ، وعندما عاد الأسد إلى عرينه في ذلك المساء كان الغراب والذئب ينتظرانه ، فقالا له : يا سيدي لماذا نسيتنا ؟ علينا أن نجتمع من جديد ؛ لكي نذهب للصيد معًا كما كنَّا ، فأجاب الأسد قائلًا : لا …لقد توقفت عن تناول اللحم منذ أن التقيت صديقي الذي غيرني من عاداتي القديمة ، فقال له الغراب : نود أيضًا أن نلتقي مع صديقك .
وفي اليوم التالي كان الحطَّاب يقطع الخشب كالمعتاد في انتظار صديقه الأسد ، وفجأة سمع أصواتً ، وكان الحطَّاب رجل دقيق جدًا وذكي ، تسلق على الفور شجرة طويلة ومن هذه المسافة استطاع أن يرى الأسد يقترب وكان معه الغراب والذئب ، فقال في نفسه : مع وجود الغراب والذئب لن تستمر صداقتي مع الأسد طويلًا .
وعندما جاء الأسد إلى الشجرة ودعا الحطَّاب قائلًا : تعال وانضم إلينا إن الذئب والغراب صديقان لنا ، ولكن الرجل الحطَّاب كان قد قرر التخلص من هذه الصداقة قبل أن تقضي عليه ؛ فقال للأسد : إنك قد كسرت وعدك لي بسبب هذين ؛ فبالتالي يمكنك في أي وقت أن تقتلني بسببهما أيضًا ، وداعًا أيها الملك عليك نسيان صداقتنا ، وبذلك فقد انتهت صداقة الأسد ملك الغابة مع الحطَّاب ؛ بسبب كسره للوعد الذي وعده لصديقه الحطَّاب .