عندما أشرقت شمس الصباح ، وارتفعت السهول الإفريقية تجمعت الحيوانات والطيور بلهفة عند سفح صخرة العزة ، وصاح أحدهم فجأة : ها هو الأمير الصغير ، فهلل الجميع ورحبوا بالأمير سيمبا الأسد الصغير ، وأخذ القرد الإفريقي العجوز رفيكي يرفع الشبل سيمبا عاليًا في الهواء ، فرحا به ، وببطء خفض ذراعيه ، وأعاد سيمبا إلى والديه الفخورين موفازا والملكة سارابي.
وفي صباح أحد الأيام حينما كبر سيمبا قليلًا ، أخذ الملك ابنه في جولة بأنحاء المملكة ليعلمه بعض الدروس ، فقال له موفازا محذرًا : تذكر أن الملك الناجح لابد أن يحترم جميع المخلوقات ؛ لأننا نعيش جميعا في دورة الحياة العظيمة ، وفي وقت أخر من ذلك اليوم قابل سيمبا عمه سكار فأعلن له الشبل الصغير متباهيا أنه رأى كل أنحاء مملكته المستقبلية .
فسأله سكار بخبث : حتى ما وراء الحدود الشمالية ؟ فأطرق سيمبا حزينًا وقال : لا ، لقد منعني أبي من الذهاب إلى هناك ، حينها قال سكار بنبرة متعالية : طبعا معه حق ، فأشجع الأسود فقط هم الذين يذهبون إلى هناك ، مقبرة الأفيال ليست مكانًا صالحًا لأمير صغير مثلك .
خرج سيمبا وهو يفكر في كلام عمه سكار ، وذهب إلى صديقته نالا ، يطلب منها مرافقته إلى مقبرة الأفيال ، وبالفعل اتجه إلى هناك ، ولم يدري أن عمه سكار الطامع في ملك أبيه ، قد أمر ثلاثة من الضباع الأشرار بقتل الشبل الصغير ليستولى على مملكة موفازا ، ويزيح سيمبا من أمامه .
راح سيمبا يجري منطلقًا عبر السهول بصحبة نالا حتى وصلا إلى كومة من العظام ، فعرف أنه وصل إلى مقبرة الأفيال ، وكان على وشك أن يفحص أحد الجماجم عندما رأى الطائر زازو مستشار أبيه ، والذي أخذ يحذره من خطورة المكان وطلب منه الرحيل ، ولكن بعد فوات الأوان ، فقد أحاط الضباع الثلاثة بسيمبا ونالا ، وأخذوا يتوعدون لهم ضاحكين.
أخذ سيمبا نفسًا عميقًا وحاول أن يزأر ، ولكن كل ما صدر عنه هو زمجرة حادة رفيعة جعلت الضباع تضحك بشدة ، وأخذ سيمبا نفسًا أخر عميقًا ، وفجأة صدرت زمجرة مخيفة ، ونظر الضباع الثلاثة حولهم ، فرأوا عيني الملك موفازا ، فأخذت الضباع تهوي هاربة في الضباب .
أرسل موفازا زازو ونالا ليسيرا في الأمام ، وأخذ يمشي بجوار سيمبا ويعاتبه على عصيانه الأمر ، وتعريض حياته وحياة نالا للخطر ، شعر سيمبا بالرعب وحاول أن يفسر خطأه قائلًا : لقد حاولت فقط أن أكون شجاعًا مثلك .
قال الملك بلطف : ليس معنى أن تكون شجاعًا أن تذهب بنفسك للبحث عن المشاكل ، فاعتذر سيمبا ، ووعده ألا يكرر الخطأ مرة أخرى ، وخلال ذلك كان سكار قد دبر حيلة أخرى للتخلص من موفازا وسيمبا ؛ حيث اصطحب سيمبا معه إلى ممر ضيق بين الجبال ، وطلب منه أن ينتظر أباه ، وبعدها بدأت الضباع تجري وسط قطيع من حيوانات النو ، وتدفعها باتجاه سيمبا .
في هذه اللحظة كان موفازا يمشي على حافة ربوة عاليًا مع زازو ، وفجأة وقع نظره على سيمبا ، فاندفع إلى الممر الضيق ، وأنقذ ابنه ، ولكنه لم يستطع إنقاذ نفسه ، فسقط إلى الخلف متعلقا بصخرة بارزة ، بينما كان يندفع بجواره قطيع حيوانات النو ، وعندما نظر لأعلى رأى أخاه ، فصاح : سكار ساعدني يا أخي ، ولكن سكار لم يفعل غير أنه انحنى عليه وهمس عاش الملك ، ثم دفع موفازا ليسقط في طريق حيوانات النو الراكضة .
وعندما انتهى مرور قطيع حيوانات النو ، جرى سيمبا على أبيه وحاول إيقاظه ، ولكن دون فائدة ، فقد فارق الملك الحياة ، وجاء سكار ببرود ، ونظر إلى سيمبا قائلًا : لقد مات الملك ، وهذا بسببك. لقد كان هذا خطؤك من البداية ، اهرب ولا ترجع أبدًا ، وبعدها عاد سكار ليستولى على مملكة موفازا بينما سار سيمبا متعثرًا في أنحاء الأرض ، وهو يشعر بالإثم والإرهاق .
وبعدها بخطوات قليلة سقط منهارًا ، خائر القوى وحلقت حوله النسور الجائعة ، وحينما استيقظ وجد نفسه بجوار النمس تيمون وبومبا ، يحملقان فيه ، وسكبا الماء في فمه الجاف برقة ، وقال له بومبا مرحبا أيها الأسد الصغير ، لقد كنت على وشك الموت ونحن أنقذناك .
فقال لهم سيمبا : شكرًا على مساعدتكم ، ولكن هذا لا يهم ، فأنا لم يعد لي أحد ، ولا مأوى أذهب إليه ، فعرضوا عليه صداقتهم والبقاء معهم ، فوافق سيمبا ، وعلموه شعارهم في الحياة هاكون ماتاتا ، أي لا داعي للقلق من أي شيء في الحياة.
وبعد عدة سنوات ، وفي أعماق أحد الكهوف ، نظر رفيكي القرد العجوز إلى صورة أسد ، وهو يستعد لمغادرة المكان قائلًا : لقد حان الوقت ، وفي اليوم التالي مباشرة أنقذ سيمبا بومبا من لبؤة جائعة كانت نفسها نالا رفيقة صباه ، وحينما تقابلا فرح الصديقان برؤية بعضهما ، وحكت له عن حكم سكار الظالم ، وتدني أوضاع المملكة ، وطلبت منه أن يعود ليسترد ملك أبيه ، لأن بوجوده لا يحق لسكار اعتلاء العرش .
قال سيمبا بحزن : لا يمكنني أن أعود أنا لا أصلح أن أكون ملكًا ، وذلك لظنه بأنه تسبب بمقتل والده ، وبعدها أخذ سيمبا يفكر في الأمر بجوار البحيرة الصغيرة ، وفجأة سمع ضوضاء بالأعلى ، ووجد القرد رفيكي يقول له : تعالى معي ، سيأخذك إلى أبيك ، تبعه سيمبا في دهشة وعدم التصديق ، ولكنه كان يأمل أن يكون موفازا حيا لم يمت .
وبعدها أشار القرد إلى البحيرة فرأى فيها سيمبا صورة وجه أبيه ، وكان هذا هو وجه سيمبا نفسه ، وسمع صوت أبيه يقول له : يجب عليك أن تأخذ مكانك في دورة الحياة ، أنت ابني ، أنت الملك الحقيقي ، ثم اختفت الصورة المنعكسة ، واختفى رفيكي.
وهناك عند صخرة العزة ، تأخر نزول المطر وجفت الأرض ، وأخذت الضباع تعوي جائعة ، فقد ذهبت قطعان الحيوانات ، ولم يعد هناك ما تأكله ، شعر سكار بنفاد صبر الضباع ، وحاول تهدئتها ، وفجأة تجمعت سحب العاصفة ، والتهبت الأرض بالصواعق ، وأمسكت النار في العشب الجاف ، وظهر من بين الدخان أسد جسور، لقد كان سيمبا نفسه .
حدق سكار مندهشًا فيه ، واندفع تجاهه ليقتله ، ولكن سيمبا الشاب كان أقوى من سكار العجوز ، واستطاع طرحه من فوق الصخرة ، كما فعل سكار بوالده ، وقامت نالا وباقي اللبؤات بمنع الضباع من التقدم ، ومساعدة سكار ، واستطاع سيمبا أن يسترد عرشه بعد أن علم أن سكار هو قاتل أبيه .
رحبت المملكة بالأسد الملك سيمبا ، وأخذت الأمطار تهطل ، والمياه تروي الأرض العطشى ، وعادت الحياة إلى السهول ، ورجعت قطعان الحيوانات ، وفي أحد الأيام تجمعت الطيور والحيوانات في طريقها إلى سفح صخرة العزة ، والتقط القرد رفيكي شبلًا صغيرًا أخذ يرفعه في الهواء عاليًا ، برفقة الملك سيمبا والملكة نالا وصديقيهم تيمون وبومبا ، وفي تلك الليلة نظر سيمبا إلى النجوم ، وقال بهدوء كل شيء على ما يرام يا أبي ، انظر لقد ظللت متذكرا كلماتك ، وبعدها تلألأت النجوم في السماء كأنها ترد عليه.
من قصص ديزني .