قصة حيلة دبدوب

جلس الدب الكسول دبدوب بجوار شجرة كبيرة يستظل بظلها ، بينما حيوانات الغابة في حالة نشاط ، فالكل يعمل ويسعى للحصول على رزقه ، بينما ينظر إليهم دبدوب في كسل ويسخر من إصرار النملة الصغيرة على حمل قطعة صغيرة من الطعام تسير بها ، وكلما وقعت أصرت النملة على حملها في دأب وملل .

وبعد فترة أحس دبدوب بالجوع فقال : ماذا أفعل ، ليس لدي طعام ولا أريد أن أعمل ، ماذا أفعل ؟ ، وبينما هو في حيرة خطرت له فكرة ، فمشى ببطء حتى وصل إلى بيت القرد ميمون ، وصاح مناديا عليه : يا ميمون ، يا صديقي العزيز .

تعجب القرد من زيارة دبدوب ، فهو لم يتعود زيارة أحد ومعروف عنه كسله الشديد ، إلا أن الدب أخذ يصيح على القرد مما دفع ميمون إلى استقباله أفضل استقبال ، وراح يقدم له بعض الفاكهة التي عنده ، وبعد فترة سأله القرد عن سبب هذه الزيارة غير المتوقعة.

وعندئذ ابتسم دبدوب ، وقال : لقد جئت أعرض عليك اتفاقًا ، فأنا كما تعلم أحب الكسل جدًا ، وأستمتع به ، ولكن ضريبة الكسل باهظة ، هل تعلم أن منزلي غير نظيف ، وليس به طعام ولا ماء ، لذلك أريدك معي لتساعدني ؛ وأنا أيضا سوف أساعدك .

تعجب القرد ميمون ، وسأله : كيف ستكون المساعدة إذن يا دبدوب ؟ قال دبدوب الكسول : سأجلب لك الطعام يوما ، وفي اليوم الأخر تجلبه لي أنت ، وبهذا تستمتع بالكسل يومًا ، واستمتع أنا به في اليوم الأخر .

فرح ميمون الكسول بالعرض ، وقال في نفسه لما لا أجرب ، وحدث دبدوب قائلًا : لا مانع فلنبدأ من الغد ، فقال دبدوب : لا لا أنا جوعان جدًا ؛ فلنبدأ حالًا ، وعليك إحضار الطعام لي فورا بشرط أن تحضر كمية كبيرة تكفيني ، وإلا ستضطر للعمل يومًا أخر حتى تحضر ما يكفي.

أحس ميمون بشيء من الصعوبة في هذا الاتفاق ، ولكنه راح يجوب الغابة بحثًا عن الطعام ، وبعد عناء طويل أحضر بعض ثمار الفاكهة التي كانت تكفيه لعدة أيام ، وقدمها إلى الدب الذي نظر باستخفاف قائلًا : إن هذه الفاكهة لن تكفي أبدا ، وسوف أستمتع بالكسل يومًا أخر حتى تحضر المزيد من الطعام .

واستمر الحال على هذا فترة طويلة حتى شعر القرد بالتعب الشديد ؛ فهو يجلب الطعام كل يوم بينما الدب يأكل ولا يشبع أبدًا ، ولذلك قرر ميمون أن ينهي هذا الاتفاق الظالم الذي كلفه الكثير من العمل والجهد ، وراح يستمتع بحياته كما كانت قبل الاتفاق .

بينما أخذ دبدوب يعرض نفس الاتفاق العجيب على كثير من الحيوانات ، التي رفضت حيلة دبدوب ، بعد أن علمت بما حدث لميمون القرد الطيب ، احتار دبدوب في الأمر ماذا سيفعل ، فحيلته لم تعد تجدي ؟

وفجأة وجد الفيل مارا من أمامه ، فقال في نفسه : لقد عرضت حيلتي على الجميع ولكنهم رفضوها ، لكن لم أعرض الأمر علي الفيل ، وبالفعل راح يحدث الفيل مستعرضًا اتفاقه الرائع أن يعمل يومًا ويستريح يومًا ، ومميزات هذا الاتفاق .

استمع الفيل الذكي لكلام دبدوب ، وأراد أن يعطيه درسا لا ينساه أبدًا ، فقد كان يعلم بما حدث للقرد الطيب ميمون ، ولذلك وافق على اقتراح دبدوب ، وبدأ الاتفاق حينما أحضر الفيل طعاما كثيرا جدا ، أكله دبدوب وزاد عن حاجته .

وجاء الدور عليه في اليوم التالي ؛ فذهب لإحضار الطعام للفيل ، وشعر بالعناء الشديد والتعب ؛ فهو لم يعتد مثل هذا العمل ، وحينما عاد إلى الفيل ببعض الأعشاب ، نظر إليها الفيل مستنكرًا ، والتهمها في لحظات ، فهي لم تكفيه ، ومازال يشعر بالجوع بعدها ، لذا يجب على دبدوب العمل يوما أخر ؛ لإحضار المزيد من الطعام للفيل .

واستمر الحال هكذا عدة أيام ، يخرج دبدوب للعمل ، وبعد عناء يحضر كمية لا تكفي الفيل ، بينما يتظاهر الفيل بالاستمتاع بالكسل ، وهو في حقيقة الأمر يرفضه ، قال الفيل : أراك متعبا يا دبدوب ، لم يستطيع دبدوب أن يحرك قدميه ، بل ظل جالسًا ، وقال بصوت يبدو عليه التعب الشديد : نعم أشعر بالتعب الشديد ، فقال له الفيل : هل سألت نفسك لماذا تشعر بالتعب ؟

قال دبدوب : أنا أعمل يوميًا وأنت تأكل ما أحضره ولا أحصل على ما يسد جوعي ، ابتسم الفيل قائلًا : أليست هذه حيلتك ؟ ، هل شعرت الآن بما فعلته في القرد ميمون ، فقال دبدوب : نعم ، وأنا نادم جدًا ، ولكنك استمعت بالكسل بينما أنا أعاني ، ابتسم الفيل قائلًا : لم يكن الكسل يومًا متعة ، هل تعلم أني أثناء خروجك كنت أعمل ، وأساعد الآخرين ، ولكن أردت فقط أن أعطيك درسًا ، فتظاهرت أمامك بأني سعيد بالكسل .

بعدها اصطحب الفيل الدب معه ، وسارا في الغابة ، وقال له : انظر يا صديقي ، إن الكل يعمل ويسعى من أجل رزقه ، وعندئذ أدرك دبدوب قيمة العمل وآفة الكسل ، وابتسما حيوانات الغابة كلها ، وصاح ميمون : نتمنى ألا يضرب بك المثل في الكسل يا دبدوب مرة أخرى.