قصة يستحيل إرضاء الناس

فى قديم الزمان ، أراد رجلًا أن يبيع حماره ، فاستيقظ من نومه مبكرًا قبل طلوع الشمس ، قاصدا السوق القريب من بلدته ليبيع حماره ، واصطحب الرجل ابنه معه إلى السوق .

الرحله :
خرج الرجل من منزله ، هو وابنه فركب الرجل الحمار وسار ابنه بجانبه ، وعند مروره أثناء سيره فى الطريق بجماعة من الماشين فى الطريق ، فقال أحد المارة : أنه من العجب أن يركب الأب على الحمار ، ويترك ابنه يسير بجواره فى هذا الطريق الطويل ، ألا توجد في قلب هذا الأب رحمة بابنة الضعيف ، فكان من الأفضل أن يركب الابن على الحمار ويسير الأب هو بهذا الطريق الطويل .

سمع الأب هذا الكلام فنزل فورًا من على الحمار ، وسمح لابنه بالركوب على الحمار وسار هو على قدميه ، وصارا فى طريقهما ، وحين مرا بامرأتين من المارة ، قالت إحداهما للأخرى : إنه لمن الغريب جدًا ، أن نرى الابن يركب الحمار ، تاركا أباه الضعيف يسير على قدميه ، ألا يخجل هذا الابن من نفسه ، فمن الواجب أن ينزل الابن من على الحمار ويسير هو على قدميه ، ويترك أباه الضعيف يركب هو على الحمار .

تعجب الأب وقال : يبدو أنه من الصعب أن ترضي جميع الناس ، واقترح على ابنه أن يسير اثنيهما بجوار الحمار ، وبالفعل سار الأب والابن خلف الحمار ، مكملين طريقهما إلى السوق .

وفى أثناء سيرهما ، قابلهما أحد المارة الماشيين فى الطريق ، فقال أحدهما بصوت مرتفع : ما هذا الأب الغبي ، حتى ابنه غبي مثله تمامًا ، كيف يسيران على قدميهما ومعهما حمار ، يستطيع أن يحمل اثنيهما بسهوله ، ويوفر عليهم جهد السير وعناء الطريق ، وعندما سمع الأب والابن ذلك ، ركب الأب فوق الحمار مرة أخرى وركب ابنه خلفه ، وأكملا طريقهما قاصدين السوق .

وفى أثناء سيرهما فى الطريق مرة أخرى قابلهما رجلًا ونظر اليهما بغضب وقال بصوت مرتفع : إن هذا الأب وهذا الشاب لابد وأن يخجلا من أنفسهما ، ما تلك القسوة التى تملأ قلبيهما ، أليس في قلبهم أية شفقه ، ما كان ينبغي أن يركب رجل قوي وشاب متين فوق حمار ضعيف مثل ذلك الحمار الضعيف ، حرام عليهما أن يركبا معا فوق الحمار دون شفقة ، فسوف يحاسبهما الله حسابا شديدًا .

سمع الأب وابنه تلك الكلمات ، فنزلا الاثنين من فوق الحمار ، وجلسا فى الطريق تاركين الحمار يرعى فى الطريق ، وتحيرا فى أمرهما ، وأخذا يفكران فى طريقة يرضيان بهما الناس جميعًا .

وبعد أن فكرًا مليًا ، قررا أن يقوما بربط قدمي الحمار بحبل متين ، ويحملاه معا فى عود متين من الخشب ، أتيا بها من شجرة فى الطريق ، وبالفعل قاما بتنفيذ تلك الفكرة ، وربطا قدمي الحمار بحبل وحملاه سويًا الى السوق ، وسارا فى طريقهما ، وكان من حظهما أنهما لن يقابلًا أحد آخر طوال الطريق حتى وصلا الي سوق البلدة القريبة منهما والتي يريدان بيع الحمار فيها .

الوصول للسوق:
وما إن دخلًا سوق القرية ورآهما الناس ، فأثار شكلهما وهما حاملين الحمار ضحك جميع الناس ، واستهزأ الناس بهما ، حتى الأطفال مشوا خلفهما وهم يضحكون ويهزؤون منهما ، ويقولون : انظروا إلى هاذين الرجلين إنهما يحملان الحمار الى السوق ، بدلًا من أن يركبا فوقه ليوصلهما ، إن هذا لشيء غريب جدًا ، فقال الرجل لابنه عند سماع الناس وضحكاتهم وكلامهم :
الحكمه:
يا بنى إننا حاولنا أن نرضي الناس جميعًا ، ولكنه من الصعب أن ترضي جميع الناس ، ففي المستقبل سنفعل ما يرضي الله وحده ، ويرضي أنفسنا ولا نهتم مرة أخرى بما يظنه الناس فينا أو يقولونه عنا .