قصة في الريف

قصة للكاتب الكبير جي دي موباسان  Guy de Maupassant أحد أباء القصة القصيرة الحديثة ولد عام 1850م ومن أشهر قصصه كرة الشحم والعقد وفي الريف وتوفي عام 1893م .

أحداث القصة
كان هناك في مكان بالقرب من مجرى النهر تعيش أسرتين فقيرتين في كوخين متجاورين وهما عائلة توفاسن وعائلة فالنس ، وكان لكل منهما أربعة أطفال تتراوح أعمارهما بين الست سنوات والخمس عشرة سنة ، وكانت العائلتين يعملان في الأرض بجد وعناء لتوفير قوت يومهما .

أما الأطفال الثمانية فكنوا يتجمعون طوال الوقت بالقرب من الكوخين ويلعبون معًا من الصباح إلى الغروب ، وكان كثيرًا ما يختلط الأولاد ، حتى أن كل أم كانت تميز أطفالها بصعوبة من بينهم ، وكان الآباء كثيرًا ما يخطئون في أسماء الأبناء .

وفي ظهر أحد أيام شهر أغسطس الحارة ، توقفت سيارة أمام الكوخين ، وأشارت سيدة بيدها نحو الأطفال وقالت ” انظر يا هنري لهؤلاء الأطفال السعداء ” ، وقد أشارت السيدة إلى طفل بعينه وقالت “ما أظرف هذا الغلام ، أني أود أن أقبلهم جميعًا ” ، لم يجب الزوج على حديث زوجته التي استطردت قائلة ” كم أود أن يكون لنا أطفال مثل هؤلاء الأطفال ولاسيما هذا الغلام الصغير ” .

بعد أسبوع عادت السيدة مرة أخرى وأخذت تلعب مع الأطفال ، وأحضرت لهم الكعك والحلوى ، بينما كان زوجها هنري دوبريه ينتظر في السيارة ، وأصبحت السيدة دوبريه تتردد على الكوخين باستمرار ، وقد تعرفت على العائلتين عن قرب مما أسعد العائلتين البائستين .

وفي أحد الأيام دخلت السيدة دوبريه وزوجها كوخ عائلة توفاسن ، فسعد الزوجان الفقيران وقدما لهما مقعدين ونظيفين وهما يشعران بالدهشة من تلك الزيارة ، ولكن بهدوء قالت لهما السيدة دوبريه إننا نود أن نتبنى أبنكما شارلوت ، فهل توافقان ، فقالت لها السيدة توفاسن بشيء من الاستنكار ، هل تريدان أخذ صغيري شارلوت .

رد الزوج مستر وبريه إننا نريد أن يصبح شارلوت وريثنا الوحيد ، وإذا أنجبنا أطفال في المستقبل سوف يشاركهما في الميراث ، وحتى لو تخلى هو عن تربيتنا عندما يكبر سوف نضع عشرين ألف فرانكًا باسمه في أحد المصارف ، وأنتم سوف تحصلون على راتب مائة فرانك شهريًا مدى الحياة .

انفعلت السيدة توفاسن وقالت لهما لن أبيع طفلي مقابل أي أموال ، وتردد زوجها في البداية ثم وافق على رأيها ، وفجأة دخل الكوخ طفل أخر يشبه شارلوت جدًا ، فسألت السيدة دوبريه إن كان هذا الطفل ابنهما أيضًا ، فقالا لها لا ، هو ابن جيراننا أذهبي واشتريه منهم .

خرج الزوجان الغنيان واتجها إلى الكوخ المجاور ، وعرضا على عائلة فالنس أن يتبنيا ابنهما جان ، على الفور وافق الزوجان، ولكن الزوجة طلبت زيادة المبلغ إلى مائة وعشرون فرانك ، وافقت السيدة دوبريه وعلى الفور أخرجت المبلغ من حقيبتها ، وحملت الطفل ، وكتب زوجها اتفاق التبني ، وحملا الطفل وذهبا .

توترت العلاقة بين عائلة فالنس وعائلة توفاسن بعد تلك الحادثة ، وظلت عائلة توفاسن تعير عائلة فالنس على بيع ابنهما ، ونشروا الخبر في كل القرية ، وبينما أصبحت عائلة فالنس في رغد ظلت حالة عائلة توفاسن بائسة ولكن الأم كانت تتباهى طوال الوقت أنها لم تبيع أبنها وتعير جارتها .

وبعد مضي سنوات التحق الابن الأكبر لمدام توفاسن بالجيش وتوفى ولدها الأخر بمرض خطير ، أما شارلوت فظل في القرية يساعد والده الفقير المتعب على رعاية والدته وأخته ، حتى ظهر ذات يوم شاب ويم الطلعة وصل القرية بسيارة فاخرة ، وتوقف أمام كوخ آل فالنس ، كان هذا الشاب هو نفسه ابنهما جان فالنس .

بعد أن أصبح الشاب محامي مرموق ، عاد لرؤية والديه اللذان فرحا بشدة وطلبا منه أن يبقى معهما عدة أيام ، وأخبرا كل أهل القرية عن ابنهما المحامي الأنيق ، ولكن عندما شاهد شارلوت توفاسن ما أل إليه حال جان ، ذهب إلى والديه الفقيرين وأنبهما بشدة ، فقالت له الأم أنها لم تفرط فيه ، وكانت المفاجئة أن الابن اتهمها بالأنانية ، وأنهما حرماه من فرصة ليصبح شخص مرموق ، وبدلًا من ذلك ظل في الفقر ، وأنه لن يسامحهما إطلاقًا وأنه سوف يترك هذا المنزل وتلك القرية إلى الأبد، وخرج شارلوت من المنزل وذهب بعيدًا واختفى في الظلام .