في كل أغاني الشرق يصدح عشق العندليب للوردة ، في الليالي الصامتة الممتلئة بالنجوم يمنح هذا المغني المجنح وردته العطرة أغنية حب ، على مقربة من إزمير تحت أشجار الدلب العالية ، إذ يحدو التاجر بجماله المحملة التي تشمخ بأعناقها الطويلة وتدوس متلبكة على أرض مقدسة .
نبذة عن المؤلف :
قصة من روائع الأدب الدنماركي ، للشاعر والمؤلف هانس كريستيان أندرسن ، ولد هناس في أودنسه في الدنمارك في 2 ابريل عام 1805م ، ومن أشهر أعماله الأدبية : فرخ البط القبيح ، الحورية الصغيرة ، نكون أو لا نكون ، بيبر المحظوظ ، حصل هانس أندرسن على عدة جوائز منها وسام دانيبروغ ، وترتيب بافاريا ماكسيميليان للعلوم والفن عام 1859م ، ووسام النسر الأحمر من الدرجة الثالثة ، وتوفي هانس أندرسن في 4 أغسطس عام 1875م عن عمر يناهز 70 عام .
هناك رأيت السياج ورد مزهرًا ، وحمامًا يطير بين أغصان الشجرة العالية ، لمعت أجنته ، إذ انزلق شعاع الشمس فوقها فبدت كأنها الصدف ، فوق سياج الورد كانت هناك وردة جورية الأجمل بين الورود ، لها تغني العندليب بآلامه في العشق ولكن الوردة كانت صامتة ، لم تذرف حتى قطرة ندى على أوراقها كدمعة عطف .
الوردة الجورية :
الوردة تدلت بغصنها على بضع صخور كبيرة : هنا يرقد أكبر مغن على وجه الأرض ، قالت الوردة الجورية ، أريد أن أنشر عبقي على قبره ، وأوراقي عندما تقتلعها الريح ! مغني الإلياذة صار جزءًا من هذا التراب الذي أنمو فيه ! أنا وردة من قبر هوميروس ، أنا أقدس من أن أزهر لعندليب فقير !
مات العندليب :
ومات العندليب غناء ، حادى الإبل جاء بإبله المحملة وعبيده السود ، عندما عثر صبيه الصغير على المغنى الصغير ، وقام بدفنه في قبر هوميروس الأكبر ، ارتعدت الوردة بهبوب الريح ، حل المساء وأغلقت الوردة أوراقها وحلمت بأن هناك في يوم صحو مشرق جميل ، جاء حشد من الرجال من بلاد الفرنجة مسافرين لحج قبر هوميروس ، من بين الغرباء كان مغن من الشمال من بيوت الضباب والشفق الشمالي ، قطع الوردة ، ضغطها في كتاب وأخذها هكذا معه ، إلى جزء آخر من العالم إلى أرض أجداده البعيدة .
الوردة الحزينة :
والوردة ذبلت من الحزن ، محبوسة بين أوراق الكتاب المحشورة الذي فتحه في بلاده ، وقال : هنا توجد وردة من قبر هوميروس ، هذا ما رأته الوردة في منامها ، استيقظت واقشعرت من الريح ، سقطت قطرة ندى من أوراقها على قبر المغني وأشرقت الشمس وصار الجو حارا والوردة ازداد جمالها ، أكثر من قبل ، كانت في آسيتها الحارة ، حينما سمع وقع خطوات ، جاء غرباء من الفرنجة وهم الذين رأتهم الوردة في منامها !
وردة من قبر هوميروس :
ومن بين الغرباء ، كان شاعر من الشمال هناك : قطع الوردة وضغط فمها النضر بقبلة وأخذها معه إلى بيت الضباب والشفق الشمالي ، كمومياء ترقد جثة الوردة الآن في إلياذته ، وكأنها في المنام تسمعه يفتح الكتاب ، ويقول : هنا وردة من قبر هوميروس .