هذه القصة من الحكايات الشعبية الكورية ، والتي تتميز بتقديم بعض القيم الأخلاقية من خلال السرد البسيط الهادف ؛ لذلك فهي تُعتبر واحدة من أهم القصص الشعبية في كوريا .
القصة :
توقف كاهن مُسن ذات مرة بجانب الطريق في أحد الاستراحات ، وبمجرد توقفه قام بفرد قطعة الحصير التي كان يحملها ؛ ثم جلس ووضع بجواره الحواجز المعدنية التي كانت معه ، بعد وقت قصير أتى بجوار الكاهن شاب صغير ؛ كان يعمل مزارعًا ؛ وظهر مرتديًا بدلة قصيرة وليست سُترة عالية الجودة ؛ كالتي يرتديها الكهنة أو الأشخاص الذين يتعلمون ، فجلس على بُعد مسافة قصيرة من الكاهن ؛ ولكن تلك المسافة القصيرة لم تمنعهما من تبادل الحوار والمزاح في سعادة وسرور .
وفجأة نظر الشاب إلى بدلته المُعدمة ؛ ثم مشى بضع خطوات وتنهد متعجبًا من حالته البائسة قائلًا : انظر كم أنا ممسكين ، وبرغم من حديث الشاب بلهجة حزينة ؛ غير أن الرجل أجابه بكل حكمة قائلًا : تبدو لي شابًا ذا صحة جيدة ؛ وتتغذى أيضًا جيدًا ؛ لماذا تخاف من حديثنا الممتع وتشكو من الفقر وحالتك المسكينة ؟
أجاب الشاب قائلًا : لك أن تتخيل كما تريد ؛ في حياتي لا يوجد الكثير من الفرح ؛ لأنني لا أتوقف عن العمل كل يوم منذ أن تشرق الشمس وحتى غروبها ، كان يروق لي لو أصبحت جنرالًا عظيمًا ينتصر في المعارك ؛ أو رجلًا غنيا ؛ كنت أتمنى أن أمتلك رغد العيش من الطعام والشراب الرائعين ؛ كما كنت أريد الاستماع إلى الموسيقى الجميلة ، أو ربما كنت أريد أن أكون رجلًا عظيمًا داخل قبيلتي ؛ فأساعد المساكين .
وبالطبع دون أن أنسى عائلتي التي كانت ستستمتع بالرخاء والرفاهية ، وبين تلك الأشياء كلها كنت سأعيش رجلًا محترمًا وسعيدًا ، كنت أحلم بأن أحقق الإنجازات داخل هذا العالم ؛ ولكنني كما ترى لست أكثر من عامل مسكين ، وأنت لا ترى حياتي بائسة ؛ قل لي ما هو اللقب الذي تستحقه حياتي .
لم يرد الكاهن على حديث الشاب بأي كلمة ، وتوقف الحوار بينهما ، وبدأ الشاب يفكر في أحلامه ؛ بينما كان يُعد الآخر طبقًا من الذرة البيضاء ، ثم سحب الكاهن وسادة كان يحملها معه ونظر إلى الشاب قائلًا : استند برأسك على هذه الوسادة ؛ وستشعر بتحقيق كل أمنياتك ؛ كما ستغمرك حالة من الرضا والاطمئنان .
كانت الوسادة مصنوعة من البورسلين ؛ وكانت ملفوفة ومفتوحة من الجانبين كأنها أنبوبة ، وبدأ الشاب في الاقتراب منها ووضع رأسه فوقها ؛ ثم أطلق العنان للتفكير في أحلامه ، وبدأ له أحد الجانبين شكله أكبر ويضيء من الداخل ، وفيه رأى منزله الخاص .
انتقل الشاب إلى زمن آخر ؛ والذي تزوج فيه من فتاة جميلة ، وكان يكسب الأموال كل يوم ؛ والتي من خلالها استطاع شراء كل البدل الجميلة ؛ كما تمكن من أن يتعلم في أي مجال ، وفي العام التالي اجتاز الاختبارات وأصبح قاضيًا .
حقق الكثير من الإنجازات خلال عامين أو ثلاثة ؛ حتى تدرج في المناصب ؛ وأصبح رئيس وزراء الملك ، وبعد فترة زمنية طويلة ؛ منحه الملك كل ثقته ، ولكنه في أحد الأيام وُضع في موقفًا بشعًا ؛ حيث تم اتهامه بالخيانة ؛ ثم قُدّم للمحاكمة ؛ وحُكم عليه بالإعدام .
تم اصطحابه مع بعض المجرمين الآخرين من أجل تنفيذ حكم الإعدام عليه في أحد الأماكن النائية ؛ وهناك جثا على ركبتيه أمام مُنفذ الحكم حتى يقوم بإعدامه ، كان يشعر بالرعب والفزع من انتظاره لضربة الموت ؛ ولكنه فجأة فتح عيناه ؛ فوجد نفسه في الاستراحة بجوار الكاهن ؛ ولازالت عملية طبخ الذرة مستمرة .
لم ينطق الشاب بأي كلمة لبضع لحظات ؛ ثم اعتدل مُعلنًا احترامه للسكان ؛ وقال : شكرًا لك ؛ لقد علمتني درسًا مهمًا ؛ والآن أعرف ما هو المقصود بأن أكون رجلًا عظيمًا ، عاد الشاب إلى عمله وهو راضٍ تمام الرضا ، ولم يعد يشكو حاله أو يشعر بالبؤس كما كان في السابق .