كانت حرب الكولا العظيمة التي وقعت في ثمانينيات القرن العشرين معركة بين أكبر شركتين لإنتاج المشروبات الغازية في العالم وهما بيبسي وكوكا كولا لإثبات هيمنة كل منهما على السوق ، وفي ذلك الوقت كانت كلا الشركتين قد رسخت مكانتها في الأسواق ، حيث يعود تاريخ شركة كوكا كولا إلى عام 1886م عندما اخترع صيدلي في اتلانتا هذا المشروب وبدأ في بيعه .
وبعد ست سنوات من ظهور الاختراع تأسست شركة كوكا كول بواسطة صيدلي أخر قام بامتلاك حقوق الوصفة والتي كانت تحتوي على نسبة صغيرة من الكوكاكيين في ذلك الوقت .
أما في ولاية كارولينا الشمالي فقد قام صيدلي أخر باختراع شراب السكر الخاص به في عام 1893م وأسماه في البداية مشروب براد ، لكن بعد أن رأى نجاح كوكا كولا الكبير غير اسم مشروبه إلى بيبسي كولا ، وفي عام 1902م أسس شركة تحمل اسم بيبيسي كولا .
لكن على مدار العقود القليلة التالية ظهرت كوكاكولا بصفتها المشروب الغازي الأكثر شعبية ، وبدءًا من عام 1931م بدأت تنشر اعلانات سانتا كلوز لتسويق منتجها كمشروب منعش يمكن الاستمتاع به على مدار العام ، وفي الوقت نفسه واجهت شركة بيبسي كولا صعوبات مالية وخاضت عادة عمليات لإعادة تنظيم هيكلها على سبيل المثال في عام 1965 اندمجت مع شركة Frito-Lay, Inc لتصبح PepsiCo, Inc.
لكن بيبيسي لم تتوقف عند هذا الحد ، لأنها قامت في عام 1975م ببدء حملة تسويقية تعتمد على منافستها القوية كوكاكولا وكانت الحملة تعتمد على اختبار ذوق يتناول فيه بعض المتسابقين كلا الشروبين (بيبسي وكاكولا) وهم مغمضي الأعين وأظهر هذا الاختبار أن الناس تفضل بيبسي على كوكاكولا .
وفي الواقع فإن هذا الاختبار لم يكن مجرد حملة تسويقية لكنه كان حقيقة أيضًا كما يقول دافيد عرايزينج مؤلف كتاب I’d Like the World to Buy a Coke ، فقد أظهرت بعض الدراسات الداخلية في شركة كوكاكولا أن العالم يفضل مذاق بيبسي لأنها أكثر حلاوة من الكوكاكولا .
وفي ذلك الوقت كانت مبيعات كوكاكولا لاتزال تفوق بيبيسي ومع ذلك فإنها كانت أخذه في الانخفاض لصالح بيبسي ، واستجابة لهذا الانخفاض بدأت كوكاكولا في اتخاذ اجراءات مختلفة للتسويق لمنتجها ، ففي عام 1982م أصدرت كوكاكولا نسخة من المشروب تحت اسم “دايت كوك” ، وفي العام التالي أصدرت نسخة الية من الكافيين من مشروبي كوكاكولا وكوكا دايت ، كما استخدمت الشركة مشروب الذرة بدلًا من السكر في مشروباتها لتقليل تكلفة الإنتاج .
وقد فتح هذا التحول إلى شراب الذرة الباب لعمل تغييرات أكبر على الوصفة الأصلية لكوكاكولا ، وفي 23 أبريل 1985م أعلنت الشركة أنها غيرت التركيبة السرية للمشروب الرئيسي “كوكاكولا” وأن المشروب الجديد “نيو كوك” سيكون له طعم أكثر حلاوة أشبه بطعم بيبسي الذي يفضله المستهلكون في اختبار الذوق الأعمى .
ومع ذلك فإن المستهلكين بدلًا من أن يشعروا بالسعادة لهذا التغيير ، شعروا بالغضب لأنهم لن يستطيعوا الحصول على مشروبهم المفضل كوكاكولا بتركيبته القديمة بعد الآن ، وقد استفادت بيبيسي بسعادة من هذا التغيير الذي أقامته منافستها ، فقد بدأت تستخدم هذا التغيير للتشكيك في المنتج في حملاتها الإعلانية من خلال جلب فتاة تستبدل مشروب كوكاكولا بمشروب بيبسي واستخدام عبارات تعني لماذا تغيرت كوكاكولا وكان التعليق الصوتي على الإعلانات يعلن أن “بيبسي هي اختيار جيل جديد” .
وبالرغم من ذلك فإن عشاق كوكاكولا لم يستغنوا عن مشروبهم لصالح بيبسي لكنهم نظموا حملات شعبية لإعادة الصيغة القديمة لمشروب كوكاكولا مثل حملة Old Cola Drinkers of America وقدموا التماس للشركة ، وفي خلال أقل من ثلاثة أشهر على بدء الحملة وفي 11 يوليو 1985 قررت الشركة إعادة الصيغة القديمة للمشروب تحت اسم العلامة التجارية Coca-Cola Classic ، وفي الوقت نفسه استمرت في بيع المنتج الجديد تحت اسم كوكاكولا .
وفي الوقت نفسه ظن كثير من مسئولي شركة كوكاكولا أن الوصفة الجديدة سوف تنتصر في النهاية على كوكاكولا كلاسيك ، وأنهم مع الوقت سوف يتخلون عن الوصفة الجديد تمامًا ، وهو ما لم يحدث في الواقع فهم لم يتمكنوا مطلقًا من إقناع المستهلكين بما هو واضح في اختبار الذوق وهو أن نيو كوك ذات مذاق مفضل للمستهلكين .
وقد أعادت الشركة تسمية نيوكوك باسم Coke II في عام 1992م ، وفي النهاية نجحت الشركة في التوقف عن إنتاج كوكاكولا القديمة في عام 2002م ، وبشكل عام كانت كارثة “نيو كوك” بمثابة نجاح مالي لشركة كوكا كولا ، واستمرت مبيعات كوكاكولا في الصعود حتى تجاوزت بيبيسي مرة أخرى ، ومع ذلك يرى الخبراء أن الحرب بين الشركتين لن تتوقف أبدًا .