استيقظ الشاب عبدالله ، ليجد الساعة وقد شارفت على الواحدة ظهرًا ، فانتفض مذعورًا كان لابد أن يستيقظ قبل ذلك كثيرًا ، ليذهب إلى المطار في استقبال صديق عمره ، الذي عاد لتوه من الخارج ، ولكن كيف له أن يستيقظ باكرًا ، وهو الذي اعتاد يوميًا ، أن يذهب إلى الجامعة ثم إلى العمل ، ويعود متأخرًا ليجلس قليلاً ، وحده بين جدران منزله ، حيث يعيش وحده ، بعد أن فقد والديه في حادث سير مروع ، فكر عبد الله في كل هذا ، أثناء الاستحمام وتناوله للإفطار على عجل ، علّه يلحق بصديقه .
اندفع عبدالله خارج مسكنه ، يعبر الطريق حتى يلحق بالسيارة الأجرة على الرصيف المقابل ، وفجأة لا يدري هو ما حدث ، فقط شعر بجسده يطير في الهواء ، ويرتطم بالأرض ، ولا يدري سوى أنه رأى ضوء أبيض اللون ، ثم بدأ الظلام يحيط به حتى غمر كل ما حوله تمامًا .
استفاق عبد الله فجأة ، ليجد سقفًا قديمًا بعض الشيء ، فنهض برأسه قليلاً ، هذا ليس منزله ، وبالطبع ليس مشفى ، فما هو هذا المكان ؟
تحرك عبدالله من مكانه ، وبدأ يستكشف المكان ، فوجد ممرًا سار فيه ببطء ، ليجد نفسه أمام شقة ، وأثناء استعداده لنزول الدرج ، وجد امرأة تفتح باب الشقة ، وما أن رأته حتى صرخت أنه هارلي ، هنا أتت فتاة شابة من خلفها وهي تردد ، شبح شقيقي .. شبح شقيقي .
اندهش عبدالله وهو يقول أنا لست شبحًا ، وقرر أن يستكمل طريقه وينصرف من أمامهما ، لكنه شعر بدوار فجلس على الدرج ، تصرفه هذا جعلهما تصمتان ، فتحدثت إليه الفتاة وقالت له ، مات شقيقي هارلي منذ عام ، كيف أنت هو تلك الصورة ؟؟ فقلت لها أنا اسمي عبدالله ، ولا علاقة لي بشقيقك ، فتقدمت منه الأم ، ونظرت له بحنان بالغ ، فبدأ عبدالله يرق قلبه وأخبرها بهدوء ، أنا لست هارلي ابنك ، ولكني لا أفهم أين أنا.
جلس عبدالله بردهة الشقة مع العائلة ، وكان الأب قد أتى ، ورووا له ما حدث ، وأخبره الأب أنه نسخة طبق الأصل من ابنه المتوفى ، وأتى له بصورة له ، تفحصها عبدالله واندهش من هذا التطابق بالفعل !
بدأ الحديث يدور بينهم ، وأخرج عبدالله هاتفه ليطلب صديقه ، ولكن لا توجد خدمة ، هنا رفع رأسه ليجد العائلة ، وقد بُهتوا وهم ينظرون للهاتف ، فسألهم ألا يوجد لديكم هاتف ؟ وبالطبع مع رد فعلهم بأنهم لا يعرفون الهاتف ، أدرك عبد الله أن الأمر يحتاج تفسير .
بالمزيد من الحديث والتحري ، أدرك عبدالله أنه قد انتقل بطريقة ما إلى بعد مواز ، وبدأت قصته تشيع هنا وهناك ، بين مصدق ومكذب ، واشتهرت العائلة الصغيرة ، بسبب انتشار قصة عبدالله على صفحات الجرائد .
قابل عبدالله فتاة جميلة ، ما أن رأته حتى فقدت وعيها ، بعدها علم أنها كانت خطيبة هارلي هذا ، وكم هي جميلة تمنى عبدالله أن يلتقي بمن تشبهها في عالمه ، ولكن كيف يمكنه العودة إلى عالمه مرة أخرى .
شعر عبدالله بالألفة مع العائلة ، وطالت إقامته وهو ينتوي أن تطول أكثر ، خاصة وأن الجميع أبدو له محبتهم الواضحة ، وهو لا يدري حقًا كيف يمكنه العودة إلى عالمه .
طلب عبدالله من الأم ، أن تسمح له بالمكوث في غرفة هارلي ، طالما أنها تشعر بأنه ابنها ، في البداية رفض الجميع ، ولكنه أقنعهم أنه إبنًا لهم ، ومن حقه الآن أن يمكث بغرفة هارلي ، حتى لا يشعر أنه غريبًا عنهم ، وبعد إلحاح شديد ، وافقوا على أن ينام بها ليلة فقط .
دخل عبدالله الغرفة ، وبدأ يتفقدها ثم رقد فوق الفراش ، كان يشعر بهدوء النفس ، وظل ينظر للسقف حتى غاب في نوم عميق ، فتح عبدالله عيناه ، ليجد نفسه متصلاً بأجهزة ما ، ومحاقن بأوردته ، والسقف يوحي بأنه داخل مشفى ، فجأة سمع صوت صديقه ، وهو يخبر الممرضة بأن عبدالله استفاق ، وجاءت الممرضة فرحه برفقة الطبيب ، وهم يباركون له استيقاظه من الغيبوبة .
بدأ عبدالله يمارس نشاطه ، وأخذ يروي لصديقه ما حدث معه ، فاندهش الشاب وأخبره ، أن كل من مروا بفترات غيبوبة ، قصّوا روايات أشبه بالخيال العلمي ، وأثناء تبادلهما أطراف الحديث جاءت زميلة لهما ن برفقة صديقتها ، ففغر عبدالله فاه ، تلك هي السمراء التي أحبها في العالم الموازي ، نظرت له الفتاة بدهشة ورفيقاه أيضًا ، عندما أخبرها أنه كان ينتظرها منذ أمد بعيد ، وضحك الجميع ، وبدأ عبدالله حياة جديدة برفقة شريكته ، التي رآها قبل أن يراها .