قصة الصياد ورسالة الجندي

يبدو أن هذا العالم الذي نعيشه هو ضيق للغاية على الرغم من اتساعه الذي قد يبدو لا نهاية له ، ولكن مع الوقت يعلم الإنسان أنه بإمكانه أن يصل إلى أي مكان أو قد يعاصر أي زمان عن طريق الأحداث التي قد يعيشها بنفسه أو تلك التي يجتهد في معرفتها أو التي قد تأتي عن طريق الصدفة ، وهذا ما قد حدث بالفعل مع صياد يُدعى ستيف غوان .

بينما كان ستيف في رحلة صيد خلال عام 1999م ؛ وجد زجاجة عالقة بشبكة الصيد التي معه ، وُجد بداخل الزجاجة رسالتان مكتوبتان بتاريخ 9 سبتمبر عام 1914م ، وقد كتبهما أحد الجنود الذي كان يُدعى توماس هيوز ، وفي الرسالة الأولى كان يطلب الجندي أن من يعثر على هذه الزجاجة فعليه أن يقوم بإرسال الرسالة الثانية إلى زوجته .

لقد كتب توماس إلى زوجته رسالة قصيرة كان يتمنى أن تصل إليها ؛ حيث كان يذكرها أثناء ذهابه إلى فرنسا للمشاركة في القتال خلال الأيام الأولى من الحرب العالمية الأولى ، وكان يقول في رسالته : زوجتي العزيزة ؛ إنني أكتب هذه الرسالة وأنا موجود على القارب الآن وسأقوم بإلقائها في البحر ، وأريد أن أعرف فقط هل ستصل إليكِ أم لا فإذا وصلت إليك فعليكِ أن تقومي بكتابة وقت وتاريخ استلامها واحتفظي بهذه الورقة جيدًا ، لقد قمت بكتابة اسمك وعنوانك ، وداعًا الآن زوجك المُحب.

كان توماس يكتب الرسالة وكأنه كان يودع بها زوجته ؛ حيث قد توفي بالحرب بعد يومين من كتابته لهذه الرسالة ، والتي كانت بمثابة رسالة الوداع والرحيل عن الحياة ، والتي لم تشأ الأقدار أن يعثر عليها أحد إلا بعد عقود من الزمن .

لم يُهمل ستيف ما هو مكتوب بالرسالة بل إنه أخذه على محمل الجد وشعر أن هذه الرسالة مسئولية ولابد أن يكون قادرًا على حملها إلى أهلها ، على الرغم من يقينه أن الزوجة إليزابيث قد ماتت هي الأخرى نظرًا لطول المدة الزمنية ، لكنه لم يغفل أن يبحث عن أبناءهما .

علم ستيف أن ابنة توماس مازالت على قيد الحياة وتعيش في مدينة أوكلاند بنيوزلاندا وتُدعى إيميلي ، قامت جريدة The New Zealand Post بتقديم عرضها بأن تتكفل برحلة ستيف وزوجته ليقوم بتسليم الرسالة إلى إيميلي التي لم تر والدها ، ولكنها كانت تستمع إلى حكاياته التي كانت ترويها والدتها عنه ، وأكدت أنها تعتز كثيرًا بتلك الميدالية التي حاز عليها بعد وفاته .

أكدت إيميلي بعد وصول الرسالة إليها أنها قد تأثرت بشدة بهذه الرسالة التي ملأت حياتها وأعطتها قيمة ومعنى ، وأكدت أنها تعتقد أن والدها فخور في ذلك الوقت لوصول الرسالة إليها ، ووصفته بأنه كان رجلًا عطوفًا للغاية .