Site icon ترند بالعربي – Trend Bel Arabi

قصة حرب البندورة في أسبانيا

لكل شعب عاداته وتقاليده التي تميزه عن غيره من الشعوب الأخرى ، فالاحتفالات في الخليج تختلف عن الاحتفالات في الهند ، وكذلك الحال في أسبانيا التي يقام بها مهرجان غريب من نوعه كل عام في أخر أربعاء من شهر أغسطس إنه مهرجان البندورة (الطماطم) ، والذي يطلقون عليه سم لاتوماتينا .

احتفال التراشق بالبندورة :
وهو عبارة عن تقليد يقوم فيه سكان بلدة بونول الأسبانية بالتجمهر في ساحة كبيرة وهم يرتدون ملابس خفيفة أو شبه عارية ويبدؤون في التراشق بحبات الطماطم ، فيتلون المكان والأجسام والجدران باللون الأحمر لتبدأ الاحتفالية السنوية مع العزف والموسيقى الصاخبة .

لقد بدأ هذا المهرجان منذ أكثر من سبعين عام ومازال يعقد حتى الآن فقد صار واحد من أهم التقاليد الشعبية الأسبانية ولعل الصدفة وحدها كانت السبب في وجود هذا المهرجان الفريد من نوعه والذي اصطلح الجميع على تسميته بحرب البندورة .

وتعتبر حرب البندورة حربًا سلمية طريفة يتراشق فيها الشباب بحبات البندورة الحمراء الناضجة على مدار ساعة كاملة طوال الأسبوع ، ولا ينجو من تلك الحرب الضروس أي أحد من المتجمهرين في ساحة البلدة كبيرًا كان أو صغيرًا رجلًا أو امرأة .

كيف بدأ مهرجان التراشق بالبندورة ؟
بدأ كل شيء في نهاية شهر أغسطس عام 1944م ، وبالتحديد في الأربعاء الأخير من الشهر ، حينما كان بعض شبان البلدة يمضون وقتهم في ساحة بلازا ديل البويبلو الموجودة بمدينة بونول الواقعة بإقليم فلنسيا في الشمال الشرقي لأسبانيا ، وذلك لحضور بعض الفعاليات التي تقام في ساحة البلدة ، يومها قرر الفتية اختراق موكب الاستعراضات المقامة ، الأمر الذي تسبب في سقوط واحد من المشاركين في الفعاليات .

فانتابته حالة من الغضب الشديد قام على إثرها بضرب كل من يمر في طريقه ، والصدفة وحدها قادت للتراشق بحبات البندورة التي كانت موجودة على أحد عربات بيع الخضار الواقفة بالساحة ، فتبادل الطرفان التراشق بها وشارك الجميع في تلك المعركة الغريبة إلى أن استطاعت قوات حفظ النظام العام بأسبانيا وضع حد لحرب البندورة .

في العام التالي لوقوع تلك الحادثة وفي نفس الموعد من عام 1945م أعاد الشبان ما فعلوه في العام السابق ولكن بإرادتهم ، حيث قاموا بإحضار حبات البندورة معهم من المنزل وبدئوا بالتراشق بها كنوع من المزاح والبهجة ولكن السلطات الأسبانية حظرت هذا التقليد بعدها لسنوات متعاقبة وذلك بسبب اتساع رقعة التراشق بالبندورة لتشمل كثير من المتفرجين الذين كان يتخللهم بعض الشخصيات الهامة .

موقف السلطات من احتفالية التراشق بالبندورة :
منعت السلطات المعنية حرب البندورة عام 1950م وهو الأمر الذي لم يرق للشبان المشاركين فيها ، فقاموا بالاحتجاج على هذا القرار وتم اعتقال بعضهم لكن احتج معهم أهل البلدة جميعًا مطالبين بعودة هذا التقليد ، فعاد هذا الاحتفال للظهور من جديد بعد أن خضعت الحكومة لمطالب سكان بونول .

ولكن مرة ثانية عام 1957 تم إلغاء هذا الاحتفال ، فقام أهل البلدة بحركة احتجاجية غريبة ، حيث خرجت مظاهرة كبيرة تشيع جنازة البندورة حمل فيها الشباب تابوتًا به حبة بندورة ضخمة ، وساروا على نغمات الموسيقى الجنائزية التي عزفتها الفرقة الموسيقية ، وكان لهذا الاحتجاج صدى واسع حيث نجاح نجاحًا باهر ، ومن يومها تم السماح بالاحتفال بحرب البندورة بصورة رسمية ، وبنفس الطريقة التي أقيمت بها .

ثم بدأ الاحتفال ينتشر في بقية أنحاء أسبانيا بسبب تحقيق صحفي أجراه خافيير باسيليو وتم نشره في التلفاز عام 1983م ، ومن وقتها شاع هذا التقليد في عموم أسبانيا ، والجدير بالذكر أن بلدية المدينة هي التي تدفع ثمن حبات البندورة المتراشقة ، والتي بلغت 100 ألف كيلو غرام ، كما أن عدد المشاركين في المهرجان من السياح وأهل المدينة وصل إلى 50 ألف شخص .

ولكن كان هناك بعض المعترضون على هذا التقليد بسبب هدر كل تلك الكمية في مقابل وجود شعوب تحتاج لها ، ولكن كل هذه الاعتراضات لم تقف حائلًا أمام استمرارية التراشق بها ، فالجميع كان ينتظر قدوم يوم الأربعاء الأخير من الشهر عند إطلاق الصاروخ الذي يعلن عن بدء القتال وفي تمام الحادية عشر صباحًا تصل العربات المحملة بأطنان البندورة الطازجة .

ليبدأ الشباب في اعتلاء العربات والتراشق بالطماطم بعد هرسها باليد تفاديًا لحدوث ضربات مؤلمة ، ليشتعل القتال ويصل الحدث إلى ذروته حتى إذا أتت الساعة الواحدة يكون الجميع متجهين صوب النهر القريب للاغتسال من طبقة الطلاء الحمراء التي اعتلت أجسادهم .

Exit mobile version