قصة كهوف الطاسيلي بالجزائر

على بعد حوالي ألفين كيلومتر من العاصمة الجزائرية تقع كهوف الطاسيلي ، وهي عبارة عن سلسلة جبلية تقع بولاية إليزي في الجنوب الشرقي للجزائر ، وترتفع أكثر من ألفين متر عن سطح البحر وتمتد حوالي 12000 كم مربع ، وتظهر وكأنها غابات أو أطلال حجرية لمدينة مهجورة تتكون من تشكيلات متنوعة من الصخور البركانية والرملية .

وتعود بنا تلك المنطقة الأثرية إلى العصور القديمة حتى نصل إلى العصر الحجري والحضارات البدائية التي تشكلت منذ بدء خلق الإنسان ، فقد نقلت لنا الرسومات الموجودة على جدران كهوف الطاسيلي أثار أمم كثيرة عاشت من قبلنا ، فهل كانت حياتهم بدائية أم أنها كانت حياة متقدمة جدًا ؟ هذا السؤال هو ما يحير العالم إلى الآن .

فلا أحد يستطيع الجزم في إجابته على هذه السؤال ، لأن ما تقوله بعض الرسومات الموجودة على جدران الكهوف يتنافى مع الطبيعة البدائية لها ، ويقول علماء الجيولوجيا أن الصحراء التي تقع بها تلك الكهوف كانت منطقة عشبية رطبة في العصر الحجري ، وكان البشر الأوائل يعيشون بها علي صيد الحيوانات من فيلة وزرافات ونعام وغيرها .

وكان بتلك الصحارى بحيرات وأنهار ، والدليل علي ذلك تلك النقوش والرسومات التي تركها الإنسان على جدران تلك الكهوف وكل تلك الرسومات توضح أن هناك مراحل زمنية مختلفة مر بها الإنسان ، فقد عاش بالمنطقة أكثر من حقبة ، ولكن الغريب هو بعض النقوش الأخرى التي صورت عصورًا متقدمة !

مراحل الحياة كما صورتها كهوف الطاسيلي :
مرحلة الصيد البري وتحكي لنا نقوش تلك الفترة عن وجود الحيوانات الضخمة المفترسة من البقر الوحشي وفرس النهر والرجال المسلحين بالرماح أثناء عمليات الصيد ، وبعد تلك الفترة كانت هناك فترة الحقبة البوفيدية 4500 قبل الميلاد ، وهي الفترة التي احترف فيها الإنسان تربية الحيوانات كما نقلت لنا بعض الرسومات صور الحيوانات كالماعز والأغنام التي يرعاها الإنسان .

وبعد ذلك بدأ الإنسان مرحلة تربية الخيول وجر العربات لتسهيل حياة الإنسان الطاسيلي ، ويعتقد العلماء أن تلك المنطقة شهدت تصحر فبدأت مرحلة ركوب الجمال تظهر في تلك النقوش التي زينت الجدران ، ولا تزال الأبحاث مستمرة حتى الآن حول تلك الرسومات والأزمنة القديمة التي صورتها لنا كهوف الطاسيلي .

اكتشاف كهوف الطاسيلي :
كان الفضل في اكتشاف تلك الكهوف الأثرية الجميلة لرجل يعيش بتلك المنطقة من قبيلة الطوارق يسمي جبرين اق محمد ، ولكن المكتشف الفرنسي هنري لوط استغل هذا الرجل ونسب اكتشاف المنطقة لنفسه عام 1965م عندما نشر كتابه ، متجاهلًا وجود هذا الرجل تمامًا ، ولكن بعد مرور السنين اعترف بفضل هذا الرجل في اكتشاف تلك الكهوف .

ومن أغرب الرسومات التي حيرت العلماء تلك الرسومات المنقوشة على جدران هذه الكهوف ، فهي رسومات لا تشبه الإنسان ولا الحيوان بل تظهر على شكل كائنات فضائية ، وكأنها ترتدي بدلات فضائية وتركب مركبات غريبة تبدو حديثة حيث تخرج ألسنة اللهب من أسفلها كما يحدث في الصواريخ الموجودة حاليًا .

وقد كان اكتشاف تلك الرسومات مسار ذهول الكثيرين ، فتلك الرسومات كانت تسبق عصرها بملايين السنين ، ويفسر بعض العلماء وجود تلك الرسومات بأنه كانت هناك زيارة قديمة لمخلوقات فضائية في هذا المكان ، فجسد السكان تلك الزيارة بنقشها على الجدران في تلك الكهوف .

ويفسر البعض الأخر من العلماء ذلك تفسيرًا مختلفًا لكنه يمكن أن يكون أكثر منطقية ، وهي أن تلك المنطقة عاش بها حضارة متقدمة جدًا ، هي من تركت لنا تلك الرسومات وما زال حتى الآن يصعب تفسير الحقيقة عن وجود تلك الرسومات ، ومن أكثر النقوش غرابة أيضًا هي تلك النقوش التي تظهر بها صور بعض السيدات وهن يلبسن فساتين طويلة كفساتين السهرات ، وأخريات يلبسن تنانير قصيرة .

وهذا أمرًا لم يكن شائعًا أو معتادًا في القدم لأن ما أثبتته الدراسات أن من عاش بتلك المنطقة هو الإنسان البدائي ، ومازال غموض تلك الرسومات والنقوش المبهرة في تلك الغابة من الكهوف الحجرية يحير العلماء ، ولكنها دليل علي أن المنطقة استوطنها الكثير من العصور المتلاحقة عبر السنين ، وتبقي من اغرب الاكتشافات التاريخية حيث حيرت رسومها ونقوشها كافة العلماء ، ولم يستطيع علماء الأثر ايجاد تفسيرات منطقية لذلك التناقض الغريب الكامن في هذه الكهوف .