قصة الرجل الذي عاش مرتين

تنقطع علاقة الإنسان بعالم الأحياء ، طبعًا بعد وفاته حيث يصبح كل شيء بالنسبة ، إليه ولمن حوله مبتورًا ومنتهيًا تمامًا ، عدا ألمور مكدوري الذي استمر بالعيش ، بعد وفاته وأخذ يتنقل بين الأحياء ، ومن مدينة إلى أخرى ، بل حتى أنه قد شارك في بعض المسلسلات التليفزيونية! وهذه قصته .

ولد ألمر مكوردي عام 1880م ، ومنذ ولادته والنحس رفيقًا له ، فقد كان فاشلاً دراسيًا ومهنيًا ، فهو لم ينجح كطالب أو حتى عاملاً أو نجارًا ، وعندما التحق بالحياة العسكرية فشل أن يكون جنديًا ماهرًا ! بل فشل أيضًا عندما اتخذ قرار الزواج .

بمرور الوقت وبعد أن انغلقت ، كافة السبل أمامه قرر ماكوردي أن يترأس عصابة ، نعم كان هذا هو القرار الذي اتخذه بعينه ، حيث جمع كل من عرفهم ممن فشلوا مثله في تحقيق أي شيء ، ليصبحوا عصابة صغيرة تقطع الطرق وتسرق المسافرين ، ولم يختلف عنه رفاقه كثيرًا ، فقد كانت عصابة نحس وفشل ، حتى أن من يقرأ تاريخهم في النصب والسرقات ، قد يشعر بأنه يقرأ رواية كوميدية .

وأخيرًا في عام 1910م ، نجحت العصابة الصغيرة في السطو على أحد القطارات التجارية ، العابرة بالمنطقة التي يرابطون فيها ، ولكن للأسف لم يكن النجاح مكتملاً لنهايته ، فقد فشلوا في العثور على مفتاح الخزنة الحديدية الكبيرة ، فقرروا نسف الباب الحديدي ، بواسطة أصابع الديناميت وقد نجحوا بذلك بالفعل ، لتكشف الخزانة الحديدية ، عن مبلغ مالي ناهز الربعة آلاف دولار ، وهو مبلغ كبير في ذلك الوقت ، ولكن لسوء حظهم كان المبلغ كاملاً من العملات المعدنية ، التي انصهرت بفعل كمية الديناميت التي تم وضعها ، كما أنه يحتاج إلى شاحنة ضخمة لنقله وهو الأمر الذي لم يوفره ، ماكوردي ورفاقه فاكتفوا بحفنة من المال وتركوا ، بقيتها خلفهم .

بالطبع تحول هذا الحادث إلى مادة ، لتندر الصحافة والعامة فتخلى أفراد العصابة ، عن ماكوردي وأصبح وحيدًا ، ليجد شريكًا له لا يقل حماقة عنه ، ويرافقه في السطو على أحد القطارات ، ولسوء حظهما لم تكن خزانة القطار تحتوي سوى على 47 دولارًا فقط .

وللمرة الثانية صار مكوردي محل سخرية من الصحف ، لدرجة أنهم وصفوا أعماله بأنها الأتفه في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية ، وعلى الرغم من ذلك إلا أن شرطة ولاية أوكلاهوما ، قد نذرت مبلغًا قدره ألفي دولار لمن يأتيهم بمكوردي .

وبالفعل تمكن أربعة من الرجال ، من محاصرة مكوردي بإحدى المزارع وحاولوا تقييده حيًا ، إلا أن الأخير كان مخمورًا وحاول المقاومة ، وأمطرهم بوابل من رصاص مسدسه ، ليضطروا تخويفه برصاصات في الهواء ، فيلاحقه نحسه الدائم وتستقر إحداها بصدره ، ويموت قتيلاً في الحال .

قصة مكوردي لم تنته عند هذا الحد ، بل بدأت حيث تم نقل جثة مكوردي إلى ولاية أوكلاهوما ، وحصل الرجال على المكافأة المالية ، ثم قاموا ببيع الجثة لإحدى دور الجنائز ، وبالطبع لم يكن لمكوردي عائلة أو أقارب يسألوا عنه ، فقام صاحب الدار بتحنيط جثة مكوردي جيدًا ، وعرضها واضعًا لافتة بعنوان (اللص الذي لم يستسلم أبدًا) .

اجتمع الناس وبدؤوا يتوافدون لرؤية جثة هذا اللص ، ويقومون بوضع نيكلاً واحدًا بفمه ، الأمر الذي مكّن صاحب الدار من جمع أموالاً طائلة بتلك الطريقة ، وهذا بدوره دفع أحد مديري السيرك لادعاء أنه شقيق مكوردي ، وطالبه بالحصول على جثته من أجل دفنه ، وما أن حصل عليها بالفعل حتى وضعها بالسيرك خاصته ، وعرضها على سبيل أنها جثة أشهر خارج عن القانون في تاريخ أوكلاهوما .

توفى صاحب السيرك ، ليبدأ مكوردي رحلة جديدة متنقلاً بين عروض السيرك والمهرجانات المختلفة ، وتم استخدامها في أنفاق الرعب على أنها جثة شمعية ! خلال فترة الأربعينات الماضية .

مع هذا التنقل واعتقاد الكثيرون بمرور الوقت ، أنها دمية أو تمثال شمعي ، تم استئجارها أثناء تصوير أحد المسلسلات التليفزيونية ، وأثناء التصوير قام أحد العمال بكسر ذراع مكوردي ، لتظهر عظمة الساعد جلية ، مما أثار ذهول الحضور كافة فالجثة كانت حقيقية بالفعل !

تم نقل الجثة إلى أحد المراكز الطبية المتخصصة ، وتم فحصها ليعثر الأطباء على بقايا لعملات معدنية قديمة وبطاقات دخول سيرك ، بفم الجثة وكذلك الرصاصة التي قتلته ، ثم تم دفن الجثة في مدافن أوكلاهوما على حساب الحكومة ، على عمق مترين من الخرسانة المسلحة لضمان ، عدم العبث بالجثة مرة أخرى .