أكثر ما يثير التساؤلات في نفوسنا ، هو حياة رجال العصابات حيث نبدأ بالتفكير ، بمجرد سماع أسمائهم كيف يعيشون وما هي الحياة ، التي أدت بهم إلى مثل هذا الطريق ، مما يجعل قصصهم غاية في الجاذبية كقصص لمشاهير من نجوم السينما والتلفاز ، وال كابوني هو أحد أشهر رجال العصابات ، والذي تحول بمرور الوقت إلى أسطورة ، وتل هي قصته .
كانت غبرايل كابوني رجلاً إيطاليًا الأصل ، يعمل بإحدى البلدات الصغيرة في إيطاليا ، ولكنه انتقل إلى الولايات المتحدة برفقة زوجته وطفليه ، مثله مثل أبناء شعبه الذين هاجروا أيضًا في هذا الوقت بحثًا عن الرزق .
بالفعل سرعان ما وجد غبرايل عملاً ، وبدأت زوجته في تعلم لخياطة من أجل لعمل ومساعدة زوجها ، ثم رزقا بطفل ثالث أطلقا عليه اسم الفونسو ، ولقبوه فيما بعد بـ (ال) حيث اشتهر عندما كبر بال كابوني .
لم تكن طفولة الفونسو ، هي المؤثر والدافع له للانخراط في حياة لجريمة فيما بعد ، حيث كان والده يعمل حلاقًا ويكسب قوته بالحلال ، ولم يعنف أحدًا من أبنائه قط أو يضربهم ، بل كان رجلاً حنونًا وخير دليل على ذلك ، هو ابنه الأكبر فينسينزو والذي كان يعمل ، مفتشًا حكوميًا واشتهر بنزاهته ونظافة يديه حتى نهاية حياته ، ولم يأخذه الطريق الذي سار فيه الفونسو .
لم تكن تلك الحياة تعجب الفونسو ، الذي جذبه رجال العصابات وأعجب بهم بشدة ، حتى أنه قد تم فصله من المدرسة إثر صفعه لإحدى المعلمات ، ثم عمل بعد ذلك بائع حلوى لينتقل بعدها للعمل بأحد مواخير الدعارة كقواد ، ثم ينتقل للعمل كأحد رجال الحماية لزعيم إحدى العصابات الصغيرة ، ليتلقى جرحًا غائرًا في وجهه ، إثر نشوب مشاجرة بينه وبين شقيق إحدى الفتيات ويلقب من وقتها بوجه الندبة .
كان ال كابوني جريئًا للغاية ، حتى أنه قد قتل رجلين دون أن يتم إلقاء القبض عليه ، حيث كان وقتها يسود قاناو الصمت بعصابات المافيا ، فرجالها يقتلون بعضهم بعضًا ويصفون حساباتهم ، ولكنهم لا يلجئون للشرطة قط ، ومن يفعل ذلك يصبح فريسة ويطارده الصديق قبل العدو .
وفي عام 1919م تزوج ال من فتاة جميلة من أصول أيرلندية ، أنجب منها ابنة الوحيد ألبرت ، وبحلول عام 1921م تم إرسال ال إلى شيكاغو نظرًا لقتله أحد رجال عصابة منافسة للعصابة التي ينتمي لها .
مع مطلع القرن العشرين ، كان هناك أحد رجل العصابات يدعى جيمس كولزمو ، يدير أحد بيوت الدعارة وتزوج من سيدة تدعى فيكتوريا كانت تعمل قوادة ، ليتوسعا في تلك المهنة ويقدوا بيوتًا في كافة الولايات .
وفي تلك الفترة كانت هناك عصابة تدعى اليد السوداء ، وكان عملها يتلخص في إرسال تهديدات للأثرياء ، بطلب فدية وفي التذييل يد مذابة بالحبر الأسود ، ومن يرفض دفع لمبلغ المطلوب يتم تصفيته وعائلته كاملة .
وحدث أن وصل لكولزمو تهديدًا مماثلاً ، فأرسلت فيكتوريا لابن أخيها ويدعى ، توريتو الملقب بين العصابات بالثعلب ، لإنقاذهم من تلك التهديدات ، فقام توريتو بموافقة العصابة وتحديد الموعد والمكان لدفع الفدية ، وما أن وصلوا حتى قام توريتو بتصفيتهم جميعًا .
ما لبث توريتو أن انضم إلى عصابة كولزمو وأصبحا شريكين ، ولكن أراد توريتو أن يتاجر بالخمور إلا أن قانون إلغاء تداولها ، قد فتح الباب على مصراعيه ، للشجار بين توريتو وكولزمو انتهت بقتل توريتو لكولزمو وإزاحته من طريقه ، واستبداله بال كابوني الذي سرعان ما اتخذ مكانه داخل العصابة .
وبحلول عام 1925م أصيب توريتو ، بجروح بالغة وإصابات خطرة دفعته لمغادرة الولايات المتحدة والعودة إلى إيطاليا مرة أخرى ، ليتزعم ال كابوني العصابة ويثبت جدارته بالزعامة فيها ، وتزايدت أعماله حتى بلغت ثروته ، أكثر من مائة مليون دولار في عام واحد!
كانت جرائم ال كابوني كثيرة وضخمة ، وراح ضحيتها الكثير من الأبرياء ، وعلى الرغم من عدم إثبات أية جريمة منها على ال كابوني ، إلا أن محقق الضرائب اليوت نيس ، قام بتقديم ال كابوني للمحاكمة بتهمة التهرب الضريبي ، واستطاع سجنه حوالي أحد عشر عامًا على خلفية تلك القضية.
واستطاع ال كابوني أن يحكم من داخل زنزانته ، بعد أن استطاع رشوة حراسه مما دفع الحكومة إلى نقله إلى سجن آخر ، ألا وهو سجن لكاتراز وطبقت عليه قوانينه الصارمة فتعلم ال كابوني أن يهدأ ، حتى يخرج من هذا الجحيم ، ولكنه أصيب في السجن بمرض السفلس وأودع المشفى ، ثم خرج ليقضي ما بقي من حياته بعيدًا عن عالم الجريمة إلى أن توفى عام 1947م بأزمة قلبية .