إلى أي مدى قد يصل العقل البشري من التفكير ؟ هل يمكنك أن تتخيل ما قد تفعله النفس البشرية بصاحبها إذا ما حدث بها شطط ، وتخلت عن آدميتها ؟ ، قد تندهش لما قد يفكر به البعض عند ارتكابه لجريمة ما ، وترى تفاصيل غاية في الدقة تجعل من الجريمة أمرًا غير قدري ، وقد تم التخطيط له بنجاح فريد من نوعه ، ولطالما فاجأتنا العديد من الجرائم بعقول مرتكبيها ، وأسبابهم الواهية والغريبة التي يدلون بها ، عند إلقاء القبض عليهم ، ولإيد جين قصة أخرى .
في عام 1957م ، وتحديدًا ببلدة لينفيلد بولاية ويسكونسن ، اختفت سيدة كبيرة بالسن تُدعى برنيس ووردن ، وهي سيدة وحيدة تملك متجرًا للإلكترونيات والأدوات المنزلية ، حيث تبيع منها بكافة أنحاء المدينة التي تعيش بها ، تلك السيدة العادية للغاية والتي تبلغ من العمر خمسون عامًا قد اختفت بشكلٍ مفاجئ ، وكان آخر ما طُلب من متجرها وفقًا لتصريح ابنها ، هو مادة مضادة للتجمد ، فمن كان الشاري لتلك المادة ؟ ، نعم هو إيد جين ، بطل قصتنا .
كان إيد جين مزارعًا بسيطًا يعيش مع أفراد عائلته ، وعلى الرغم أن إيد جين كان بسيطًا وهادئًا للغاية ، إلا أن عائلته كانت مفككة تمامًا وغير متفقة أو سوية ، فقد كان والده رجل مهمل وسكير ، في حين كانت والدته متعصبة دينيًا بطريقة غير طبيعية .
وبعد وفاة والديه آل الميراث كاملاً إلى إيد ، الذي قام بإغلاق كافة غرف المنزل واحتفظ بغرفة واحدة فقط ، إلى جوار غرفة تحضير الطعام ، بالإضافة إلى مخزن المنزل وعاش فيهما دون باقي المنزل .
في عام 1951م ، حصل إيدي على إعانة مالية لمزرعة المنزل خاصته ، وكان يعمل إلى جانبها مع بعض المزارعين المحليين ، وفي إحدى الفترات ظهرت لدى إيدي هواية غريبة بعض الشيء ، فقد كان محبًا للقراءة في الروايات والقصص المتعلقة بالجماعات المتعصبة ، وعبدة الشيطان ، والجرائم السادية ، ومجلات الفانتازية والحوادث ، وغيرها من الجوانب العنيفة والسادية .
وتكمن الإشكالية هنا خلف تلك الهواية أو النزعة الغريبة لدى إيدن ، في أن السيدة العجوز برنيس ووردن التي اختفت ، قد جعلت شكوك الشرطة تحوم حلو إيدي ، فهو آخر شخص كان قد ذهب إلى متجرها وتعامل معها ، قبل أن تختفي تمامًا ، وبالتالي توجه أفراد التحقيقات إلى منزله وقاموا بتفتيشه وتفتيش المخزن الملحق بالمنزل أيضًا ، وهالهم ما وجدوه بالمنزل !
في البداية وجد محققو الشرطة السيدة برنيس ووردن بالفعل ، ولكنها كانت قد قتلت بطلقة نارية من بندقية 22-caliber ، وكانت معلقة في السقف من أرجلها دون رأس ، وتم فتح الجذع كاملاً بداية من أول البطن وحتى الرقبة ، كحيوان تم اصطياده من الغابة ، بالطبع قام رجال الشرطة ، بعمل حملة ضخمة لتفتيش ممتلكات إيد بالكامل ، وكانت شكوكهم صادقة فجثة السيدة برنيس ووردن لم تكن الوحيدة لدى إيد داخل منزله .
وجد رجال الشرطة رأس برنيس داخل حقيبة من الجيش ، بالإضافة إلى مجموعة كاملة من أظافر النساء ، وجماجم لعدد من النساء تم قطع الجزء العلوي منها ، بالإضافة إلى جلود بشرية كانت مستخدمة كأغطية للمقاعد ، وجلد امرأة كان قد تمت حياكته ليصبح على هيئة قميص من الصدر إلى البطن !
ولم تكن تلك الأخيرة ، فقد وجد رجال التحقيقات جلد وجه لإحدى ضحاياه كانت قد اختفت فعليًا منذ فترة ، وتُدعى ماري هوجان ، كان إيد قد صنع من جلد وجهها أباجورة للمكتب ! وتوالت المفاجآت عندما وجد المحققون جوارب من جلد ساق بشرية ، وقلب إحدى ضحاياه كانت غالبًا لطفل صغير ، قد وضعت في إناء أمام المدفأة ، وغيرها الكثير والكثير .
تم إلقاء القبض على إيد ، واعترف بكافة جرائمه في هدوء شديد ، حيث أقر بأنه قد قام بالسطو على حوالي أربعين قبرًا محليًا بحثًا عن الأعضاء والهياكل البشرية ، وقام بقتل أكثر من سيدة خلال الفترة منذ عام 1947 وحتى عام 1957م .
وبرر إيد جين أفعاله من خلال اعتراف له قال فيه : بأنه بعد وفاة أمه كان يرغب في صناعة بذلة جلدية من جلد النساء ، بالذراعين والوجه والأقدام ، حتى يتحول إلى أمه (I wanted to become my mother) ، وعقب محاكمته تم وضع إيد جين في مصحة للأمراض العقلية مع حراسة شديدة ، وتوفى عام 1984م ، حيث تم تشخيص حالة إيد بأنها نوع من أنواع الشيزوفرينيا .
وجدير بالذكر ، أن كل رجال التحقيقات الذين قاموا بتفتيش منزل إيد ، قد خضعوا إلى علاج نفسي كامل ، بسبب الصدمات التي تعرضوا لها أثناء عملية التفتيش إبان عملية القبض على إيد جين.