قصة نجاح مشاعل الشميمري

النجاح قد يكون مجرد كلمة ، تلوح أمام أعين البعض منا ، دون اكتراث واضح لها ، بينما ينحت آخرون في الصخور ، من أجل الوصول لتلك الكلمة ، بالقدر الذي يشبع أرواحهم ، متحديين في ذلك كافة ، العقبات والعوائق الاجتماعية والمادية والصحية ، فكان النجاح حليفًا لهم ، خاصة المرأة العربية من أبناء المملكة ، والتي أصبحت في وقتنا الحالي ، من أبرز الشخصيات الناجحة .

حيث استطاعت أن تخترق العديد من المجالات العلمية والعملية ، ووضعت اسم المملكة في عليين ، ليشار إليها بالبنان في أكثر من مجال ، ومن بين هاته النساء ، كانت المهندسة الشهيرة مشاعل الشميمري ، التي استطاعت أن تحقق نجاحًا ملموسًا في مجال ، صناعة الصواريخ والمركبات الفضائية ، فكانت بذلك تحقق أول أحلامها ، منذ الصغر بأن تصعد إلى الفضاء ، وتسبر أغواره وتتعرف على النجوم ، وتكشف خبايا الفضاء كليًا ، وذلك من خلال اجتهادها في التعلم والمعرفة ، وتلك هي قصة نجاحها ، في تحقيق حلمها المتميز ، ووصولها إلى مكانة مرموقة فيه .

بداية مشاعل الشميمري مع علم الفضاء :
ولدت مشاعل الشميمري ونشأت ، في منطقة العنيزة بالمملكة ، وكانت منذ طفولتها شغوفة للغاية ، بالنظر إلى النجوم والسماء عمومًا ، والتطلع إلى معرفة ما الذي يخبأه الفضاء لها ، فكانت دائمة التساؤل عن ماهية الفضاء ، وكيفية تكون النجوم والكواكب ، وما الذي يكمن خلف تلك الثقوب المظلمة ، التي يذخر بها الفضاء ، ولكنها لم تكن تتلق إجابات واضحة ، فأصرت عندما واصلت دراستها ، أن تتعرف على ما أثار شغفها منذ الطفولة ، عن قرب واضح وعلم نافع .

الحياة الشخصية ودراسة علم الفضاء :
انفصل والدي مشاعل ، عن بعضهما البعض وهي مازالت ، رضيعة ابنة أربعين يومًا ، وذلك في الولايات المتحدة ، إبان تواجدهما بها في هذا الوقت ، فتعلمت مشاعل اللغة الانجليزية ، لتصبح لغتها الأولى قبل أن تتعلم اللغة العربية ، عندما عادت للمملكة مرة أخرى ، وخلال دراستها بالمرحلة الثانوية ، شاركت مشاعل مع رفاقها وزملائها ، في تجربة صناعة إنسان آلي ، لتحصل به على المركز الأول بين أكثر من ثمانين متسابق ، وتحقق الفوز بالمرتبة الثالثة بين ما يفوق الأربعمائة متسابق .

لتتقدم بأوراقها فيما بعد ، من أجل دراسة هندسة الفضاء بمرحلة الجامعة ، لتدرس بها نوعان من علوم الفضاء ، الأول حول كل ما يطير بالفضاء ، داخل الغلاف الجوي ، والآخر يدور حول كل ما يطير بالفضاء ، وإنما خارج غلافنا الجوي .

بدأت مشاعل دراستها بجامعة فلوريدا ، وذلك من خلال منحة قدمتها لها الجامعة ، وتحملت 75% من نفقاتها بينما تحملت مشاعل ، الجزء المتبقي من المال ، لتتفوق بدراستها بها ، ونصحتها آنذاك إحدى المعلمات بدراسة الرياضيات ، وبالفعل أقدمت مشاعل على تلك الخطوة ، التي أصقلت ما درسته ، لتحصل على شهادتين بتفوق بالغ .

قد يظن البعض أن أحلام مشاعل وطموحاتها ، قد توقفت بحصولها على الشهادة الجامعية في عام 2006م ، إلا أنها لم تكن مجرد طالبة تقليدية ، فقد بدأت إثر تخرجها من الجامعة ، بخطى ثابتة نحو دراسة الماجستير ، بعد أن مولت وكالة ناسا دراستها لتلك المرحلة ، إلى جانب تمويلها لبحث خاص بمشاعل ، بشأن تصميم صاروخ نووي حراري ، يمكنه الانطلاق نحو المريخ لأهداف سلمية ، إلى جانب عملها في التدريس لأربعين من طلاب الجامعة ، لتنتهي من دراسة الماجستير والبحث الممول من جانب وكالة ناسا ، بحلول عام 2007م .

بمجرد انتهاء تلك المرحلة ، اتجهت مشاعل للعمل على تصميم 22 صاروخًا ، تم إعدادها لأهداف مختلفة لصالح شركة الدفاع ريفيان ، لتنطلق من بعدها للعمل الخاص مع بداية عام 2010م ، وهي تبلغ من العمر 26 عامًا فقط ، وكانت تستهدف تصميم عددًا من الصواريخ ، لأهداف متعددة منها الوصول إلى مدار الكرة الأرضية المنخفض .

بالطبع لم تكن مسيرة مشاعل الشميمري ، يسيرة أو سهلة كما يتخيل البعض ، فقد واجهت مشاعل عدة عقبات ، سواء شخصية أو عملية ، بداية من انفصال والديها ، وعودة والدتها إلى المملكة المتحدة ، في حين ظل والدها في أمريكا ، وكل ما تتمناه من علم وطموح يقبع في أمريكا .

ولم تتوقف التحديات عند هذا الأمر فقط ، بل واجهت مشاعل تحديًا آخر ، أثناء العمل فهل كانت ستصمد وتقوم بعملها الخاص ، أم أنها كانت ستستمر برفقة شركة الدفاع ريفيان ، فالعمل وحدها جعلها تواجه ، الكثير من الصعوبات المادية ، في عمليات صناعة الصواريخ ، حتى حصلت على راعي ومستثمر يمول لها هذا العمل ، من أجل أن تستمر في دفع رواتب موظفيها كذلك ، في الفترة التي كان يجب عليها تجريب ، الصاروخ الذي قامت بتصنيعه ، فوقف إلى جوارها العديد من الموظفين حتى بدون راتب .