أبرزت الحضارة الإسلامية العديد من العلماء في مجالات مختلفة ، أثروا الحياة العلمية علمًا وكتاب ومازالت كتبهم تُدرس إلى اليوم كأمهات الكتب في شتى العلوم وخاصة في مجال الطب فمازالت كتب الرازي وابن سينا من المراجع العامة في الطب ، ولكن من هو أول طبيب عربي عرف داء السكري أنه عبد اللطيف البغدادي .
ولد البغدادي في حاضرة الحضارة الإسلامية بغداد ونُسب إليها ، عاش حياته الأولى بكنف أسرته والتي اشتهرت بأن معظمها من رجال الفقه والتفسير والأصول والحديث وكان من بينهم والده يوسف الذي دفعه لمجالس العلم لكي يتلقى العلوم الأولى من حفظ للقرآن الكريم ولدراسة الحديث وقواعد اللغة العربية والشعر والأدب وأتقن اللغة في مجلس كمال الدين عبدالرحمن الأنباري .
عُرف البغدادي منذ صغره بحبه للعلم والبحث والمطالعه ، في صغره حفظ كتاب المقتضب للمبرد ، وأدب الكاتب لأبن قتيبه ، ثم درس الفلسفة وقرأ كتب أرسطو وأفلاطون ، وكتب أئمة علم الكلام والتصوف عند العرب ، وعكف على دراسة كتاب مقاصد الفلاسفة وميزان العمل للإمام حجة الإسلام الغزالي ، وكتاب النجاة لإبن سينا ، ثم استهوته الخيمياء وكتب كتبها من الكيميائي جابر بن حيان ، وسرعان ما انصرف عنها لدراسة علم النبات وعمل على دراسة كتب ابن وافد وأبي حنيفة الدينوري .
ودرس أيضًا كتاب الحشائش لديوسقوريدس ، وكان الطب هو صناعته الوحيدة وهوايته المفضلة فانصرف بكل جهده لدراسة الطب ، بحث عن المعاصرين من الأطباء في عهده وناقشهم واختلف معهم وبجانب العلوم ، اهتم البغدادي بدارسة التاريخ وجغرافيا المكان لكي يوصف الأقطار التي زارها لأنه كان مولعا بالترحال سافر للموصل وجلس إلى علمائها منهم موسى بن يونس وزار القدس واجتمع مع صلاح الدين الأيوبي ، وزار القاهرة وجلس في الجامع الأزهر ثم رحل من القاهرة لدمشق وأقام بالمدرسة العزيزية وتدارس فيها مختلف العلوم .
ثم رحل لبلاد الروم وبعض المدن في الشرق الإسلامي وحصل على إجازات من شيوخها ثم عاد لبغداد بعد غياب 45 عامًا قضاها في الترحال وتوفي فيها ودُفن في المقبرة الوردية .
أما عن أهم الإنجازات العلمية التي قام بها البغدادي خلال مسيرته العلمية ، هو أول طبيب عرف مرض السكري وشخص الأعراض السريرية للمرض ولخصتها في العطش واسترسال البول وكثرة التبول وانطراح الماء الذي يرد إلى الكلى وكانت المعالجة من خلال الحميات الغذائية ، كما أنه جعل التشريح من ضروريات الطب ، وكان هو أول من قال أن الفك السفلي هو قطعة واحدة من الفم وليسوا قطعتين وكان رأيه مخالف لرأي جالينوس .
ترك البغدادي ميراث علمي ضخم مكون من 150 كتاب في الطب والفلسفة والفقه والتاريخ واللغة والأدب والمنطق ولكن معظم المؤلفات فُقدت بسبب الحروب والكوارث وبعضها تم إحراقه والأخر تم سرقته ..