Site icon ترند بالعربي – Trend Bel Arabi

قصة نجاح فريدريك جوليو وإيرين جوليو

العلم والزواج ، قد يظن البعض أنهما خصمان أو أنهما قطبان لا يمكن أن يلتقيا أبدًا ، فإذا نجح زوجين في زواجهما فلن ينجحا في عملها أو العكس ، أن الزمالة والعمل لا يمكن أن تجمع قلبين ، ولكن بعض العلماء على مستوى العالم أثبتوا للجميع أن الزواج قد يعمل على تعزيز العمل والعلم ، وكما سبق أن سردنا قصة كل من العالمين بيير وماري كوري ، فسوف نسرد قصة الجيل التالي لهما وهما فريديك وإيرين جوليو كوري.

فريدريك جوليو :
ولد فريدريك جوليو في 19 مارس عام 1900م في فرنسا ، وعرف عنه ذكاءه الشديد منذ طفولته ، حيث التحق بمدرسة داخلية في المرحلة الثانوية ، وبرع في لعب كرة القدم أيضًا إلى جانب الدراسة ، مما جعله طالبًا متفوقًا ومعروفًا بين أقرانه.

وينتمي فريدريك إلى أسرة متوسطة الحال ، مما جعله ينتسب إلى إحدى المدارس العامة ، من أجل الالتحاق بمسابقة لدراسة الفيزياء والكيمياء الصناعية ، وبالفعل ساعده ذكاءه على الالتحاق بها واستكمال تلك الحلقة التعليمية لينال درجة المهندس من خلالها بترتيب كان هو الأول على زملائه .

وهذا بالطبع مكّنه من العمل بتوصية من الفيزيائي لانجفان في مختبر ماري كوري ، عقب انتهائه من المرحلة التعليمية ، وذلك في عام 1925م حيث التقى باينة ماري ، والتي تدعى إيرين والتي تزوجها في العام التالي أي عام 1926م.

ولم يتوقف فريدريك عند هذا الحد فقط ، بل اجتهد جوليو في الدراسة أثناء عمله فيس المختبر ليحصل عقب ذلك على شهادة الليسانس في العلوم وذلك بحلول عام 1927م ، ثم نال درجة الدكتوراه في عام 1930م في مجال الكيمياء الكهربائية للبولينيوم ، وجدير بالذكر أن فريديك كان يعمل بمهنة التدريس بإحدى مدارس الكهرباء الصناعية من أجل زيادة دخله .

إيرين جوليو كوري :
ولدت إيرين لأبوين عملا معًا في خدمة العلم وحصل كلاهما على جائزة نوبل في الفيزياء ، وهما بيير وماري كوري ، حيث ولدت إيرين في باريس عام 1897م ، قبل بضعة أشهر من اكتشاف والديها لعنصر الراديوم.

وفي هذا الوقت ، كان والداها قد اقترحا أن يتعلم أبناءهما وأبناء زملائهم من علماء فرنسا على أيديهم ، من خلال مدرسة تعاونية غير رسمية بينهم ، فدرست إيرين الفيزياء على يدي ماري كوري والدتها ، والرياضيات على يد كل من جان بيران وبول لانجفين –الذي رشح زوجها فريديك للعمل بمختبر والدتها ماري كوري-.

وعند بلوغها الرابعة عشرة من عمرها ، التحقت إيرين بالمدرسة الثانوية المعروفة باسم سيفيني ، أعقبها دراستها بكلية العلوم في جامعة السوربون ، والتي توقفت الدراسة بها إثر اندلاع الحرب العالمية الأولى.

لم تتوقف إيرين عن الدراسة والعمل مع اندلاع الحرب ، فقد عملت إيرين كفنية أشعة وممرضة على أجهزة الأشعة السينية ، حيث أنشأ والديها مشفى متنقلة تساعد الجنود المصابين من الحرب ، فعملت يها إيرين واستخدمت أجهزتها حتى تكون عونًا لها على تحديد أماكن الشظايا في أجساد الجنود المصابين.

عقب توقف الحرب ، عادت إيرين للعمل بالمختبر الذي أسسته والدتها ، في أعقاب حصولها على البكالوريوس ، وبحلول عام 1925م حصلت إيرين على درجة الدكتوراه من الجامعة ، في موضوع عن عنصر البولونيوم وجسيمات ألفا الصادرة منه ، وهو العنصر الذي كان قد اكتشفه والديها من قبل أثناء تجاربهما معًا.

وعقب التحاقها بمختبر كوري ، التقت إيرين فريديك جوليو الذي كان قد أتى للعمل في المعهد ، وبمرور الوقت بدأ فريديك يكتشف بها جانبًا شاعريًا شجعه على الزواج منها ، فتزوجا في العالم التالي ، وأنجبا ابنتهما هيلين ثم ابنهما بيير.

زواج ونجاح :
تأثرت إيرين وزوجها بتجربة والديها ، فعقب مرور تسعة أعوام على زواجهما حصل كل من إيرين وفريديك جوليو على جائزة نوبل في الكيمياء ، كانت زيجتهما مريبة بعض الشيء لماري كوري ، فقد ظنت أن الأمر لا يعد كونه مصلحة شخصية لفريدريك أو طمعًا في اسم عائلتها ، ولكن لم يفلح هذا في إثناء إيرين عن تلك الزيجة ، واشترطت ماري في عقد الزواج أن تكون إيرين هي من يتحكم في ممتلكاتها ، وألا يتحكم فريديك في شيء ، وهذا الأمر كان قد ضمن لماري راحة البال.

وعلى العكس منها ، كان فريدريك مقدرًا جدًا لوالدة زوجته ، على الرغم من تلقيبها إياه بالرجل الذي تزوج إيرين ، بينما تجاهلت إيرين ذاتها كافة نصائحها ، وعقب الزواج ، دعم كل من فريدريك وإيرين بعضهما البعض ودرسا سويًا ، الانبعاثات الإشعاعية واستطاعا إنتاج العديد من العناصر المشعة .

وعقب ثلاثة أعوام من العمل الجاد على التفاعلات ، حصل كلا الزوجين على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1935م ، عن جهدهما في تركيب عناصر مشعة جديدة.

وفاتهما :
ظهرت على فريديريك جوليو أعراض الإصابة بالتهاب الكبد في عام 1953م ، وظل يعاني منها لمدة خمسة أعوام ، إلى أن حدث الانتكاس الشديد بحلول عام 1955م ، إلى أن توفى في عام 1958م.

وكما حدث مع والدتها ، عانت إيرين من الإصابة بسرطان الدم ، نتيجة تعرضها للعديد من العناصر المشعة دون وقاية ، ورحلت عن عالمنا في عام 1956م ، بسبب تعرضها لجرعات غير محسوبة من تلك المواد المشعة.

Exit mobile version