رينيه ديكارت Rene Descartes ، ذلك الاسم الذي برع في مجال الرياضيات والفيزياء بل والموسيقى ، وأيضاً برع في علم الفلك والفلسفة حتى لقب بلقب أبو الفلسفة الحديثة ، وصاحب العبارة الشهيرة أنا أفكر إذن أنا موجود .
كتب رينيه ديكارت أكبر كتب العقل والفلسفة والرياضيات ، والتي أصبحت منهجًا يدرس في الجامعات ، ويعد ديكارت من الشخصيات التي أحدثت ثورة في العلم ، وقد تأثر كثيرًا بنظريات ابن الهيثم والغزالي وابن رشد وابن سينا وأفلاطون وأرسطو.
المولد والنشأة :
ولد رينيه ديكارت في عام ١٥٩٦م ، وكان والده يعمل مستشارًا في البرلمان الفرنسي ، والتحق ديكارت بمدرسة فرنشي ، وتعلم هناك دروس عن الفلسفة والأدب والمنطق ، والتحق بالجامعة وتخرج وحصل على شهادة الليسانس في القانون المدني في عام ١٦١٦م.
وأراد والده أن يكسبه بعض الفنون الحربية ، وكان وقتها الجيش الهولندي من أفضل جيوش أوروبا فغادر فرنسا وسافر إلى هولندا ، وأنضم إلى الجيش الهولندي في عام ١٦١٨م وخاض عدة معارك ، ثم بعد أربعة سنوات عاد ديكارت مرة أخرى إلى فرنسا وذلك في عام ١٦٢٢م.
بدأ حياته العملية في تجارة سندات الأموال ، وحقق دخلا كبيراً ، وتعرف على طبيب هولندي يدعى بيكهام ، وقد شجع ديكارت على الإبحار في العلوم ودراسة الرياضيات والفيزياء ، وبدأ ديكارت يغوص في دراسة العلوم المختلفة .
ألف ديكارت العديد من كتب الرياضيات والفلسفة والهندسة التحليلية ، وفي عام ١٦٢٨م باع ديكارت أملاكه ورحل من فرنسا إلى هولندا ، وقضى هناك فترة حياته وكانت هولندا في ذلك الوقت من أكثر البلاد الأوروبية تقدما في مجال العلوم والفنون .
بدأ صيت ديكارت يذاع كونه صاحب أفكار منطقية وفلسفية قوية ومؤثرة ، وعكف على كتابة الكتاب والرسائل التي تتحدث عن الطبيعة ونظرية انكسار الأشعة ، وقام بتأليف أعظم كتب الفلسفة وهو كتاب التأملات في الفلسفة الأولى ، وقدم ذلك الكتاب هدية إلى الملكة إليزابيث ، بل وأصبح عضو في الأكاديمية الفرنسية للعلوم .
ذاع صيته ديكارت وشهرته كونه فيلسوفا وعالما في الفيزياء والرياضيات ، مما دفع ملك فرنسا أن يحدد له راتب سنوي ثابت قدره ٣٠٠٠ ، كما دعته ملكة السويد أن يكون مساعدًا لها في إدارة شئون البلاد نظراً لحكمته البالغة ، ولكن نظرا لقوة الشتاء في السويد تعرض العالم ديكارت لمرض الالتهاب الرئوي ، والذي تسبب في وفاته وذلك في ١١ فبراير من العام ١٦٥٠م.
ومن أبرز مؤلفات ديكارت هو كتاب مقال عن المنهج ، وكتاب علم الهندسة ، وكتاب مباديء الفلسفة ، وكتاب قواعد لتوجيه التفكير ، بل وقام بوضع نظام الإحداثيات الديكارتية وهي أحد أنظمة الهندسة التحليلية التي لا زالت تدرس حتى الآن .
ويعتمد منهج ديكارت الفلسفي على التفكير الهندسي والرياضي ، حيث يعد ديكارت عالم رياضيات قبل أن يكون فيلسوفًا ، وتعد نظرياته الفلسفية حكم حياتية قوية ، حيث يذكر في كتابه مقال عن المنهج بعض قواعد التفكير الإبداعي والإنساني .
وينص ذلك الكتاب على عدة قواعد منها قاعدة عدم التهور في الحكم على الأمور ، وهي أن ينتظر الإنسان لحظة يقين حتى يحكم على الأمور بنفسه ، أي أن لا يقبل شيئاً على أنه حق ما لم يكن على يقين أنه كذلك .
ومن قواعد الكتاب أيضاً قاعدة التحليل الفكري ، أي أسعى لتنظيم الأفكار وترتيبها وأن أبدأ بالأفكار البسيطة وسهلة المعرفة ، ثم تتدرج شيئاً فشيئا إلى الأمور الأكثر تعقيدًا ، وكل تلك القواعد هي قواعد رياضية ، وهو ما تميز به منهج ديكارت الفلسفي حيث اقتبس من الرياضيات في تأسيس قواعد فلسفية مفيدة .
ومن الجدير بالذكر أن ديكارت سعى لوضع علم يسمى علم الأخلاق ، وهي أساس حكمة الإنسان ووصوله أرقى المراتب .