قصة نجاح كارل ساجان

ولد كارل إدوارد ساجان في بروكلين بنيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية في عام 1934م ، كان والده مهاجرًا روسيًا ، فيما كانت والدته ربة منزل فقط ، وقضى كارل طفولته في بلدة صغيرة بنيوجيرسي ، إلى أن انتقل مع أسرته إلى إلينوي ، حيث ارتاد جامعة شيكاغو .

دراسته وعمله :
كارل ساجان فلكيًا مميزًا ، فهو من أبرز من ساهموا في تبسيط علوم الفضاء والفيزياء الفلكية ، وكان من أوائل من اهتموا بالفضاء والكواكب على حد سواء ، درس كارل الفيزياء في جامعة شيكاغو ، وبحلول عام 1960م حصل كارل على درجة الدكتوراه في علوم الفلك والفيزياء ، وعمل أستاذًا جامعيًا في جامعة هارفرد في عام 1968م ، انتقل بعدها إلى جامعة كورنيل في عام 1971م ، ليعمل بها في نفس المجال الأكاديمي .

إسهاماته :
قام ساجان بالعمل في تحرير وتقديم برنامجًا تليفزيونيًا ، حمل اسم الكون ؛ وقدم من خلاله معلومات قوية وتبسيطية لعلم الفلك والفضاء ، وحاز البرنامج على مشاهدات واسعة وتم تقديمه في العديد من الدول الأخرى ، خارج أمريكا .

كما تطرق ساجان إلى العديد من المجالات المختلفة ، مثل الفن وعلم الفلك ، وعلم الفضاء والكواكب وغيرهم ، قبل أن ينتقل إلى إيثاكا بنيويورك ليعمل بها في مشرفًا على مختبر دراسات الكواكب في جامعة كورنيل .

ولعل أهم ما ميّز ساجان هو مؤلفاته وإسهاماته الكبرى من أجل تبسيط علوم الفضاء والفلك لعموم الناس ، وهذا هو ما أدى إلى نجاح مؤلفاته ، التي كان أبرزها ؛ الكون ، وكوكب الأرض نقطة زرقاء باهتة ، وبلايين وبلايين ، وعالم تسكنه الشياطين ، وتنينات عدن ، كما ألف رواية تواصل عام 1985م وتم تحويلها إلى فيلم عام 1997م .

كان لساجان دورًا فعالاً في تأسيس وكالة ناسا لعلوم الفضاء ، حيث عمل مستشارًا بها ، وكان له دور بارز في توكيل رواد الفضاء الذين خاضوا رحلة أبولو ليكونوا أول من يغادر كوكب الأرض .

ولم تتوقف إسهامات كارل ساجان عند هذا الحد بل امتد الأمر إلى مساهماته في بناء المركبات الفضائية ، وتجارب الاستكشاف للمجموعة الشمسية ، ودراسة الاشعاعات الراديوية النابعة من كوكب الزهرة ، من أجل فحصه ودراسة درجات الحرارة على سطحه ، والتي تمخضت عن مهمة مارينر لكوكب الزهرة ، في بداية الستينات من القرن المنصرم .

شخصيته :
آمن كارل ساجان بوجود حياة على كواكب أخرى غير كوكب الأرض ، طالما أن الحديث  يشمل مجموعات شمسية متعددة وكون فسيح ، يشمل العديد من المجرات والنجوم والكواكب.

كان ساجان يعمل لثمانية عشر ساعة متواصلة ، ويجتهد في دراساته التي طالما شغف بها ، كما بدا هادئًا للغاية وطبيعيًا عكس غيره من العلماء ، وترك ساجان خلفه علامة واضحة في علم الكواكب ، حيث عمل بالجامعة وهو شاب وارتاد مجال علم الكواكب في فترة كان يخوض بها هذا المجال حالة من الركود .

تبدلت الأحوال مع كارل عقب عرض برنامجه الأشهر الكون ، حيث بدأ في تلقي تهديدات بالقتل ، حتى أنه اضطر للتنقل في سيارة ليموزين من أجل الحفاظ على مواعيده الصارمة ، وكان التهديدات ناتجة عن عمل ساجان في مشروع الكتاب الأزرق بالدفاع الجوي الأمريكي ، والذي كان يدور بشأن التحقيقات حول الأطباق الطائرة في فترة الخمسينات والستينات من القرن المنصرم .

وكان ساجان يعمل بشكل حيادي طوال الوقت ، ولكنه توصل في النهاية إلى فكرة أنه لا توجد دلائل واضحة على وجود كائنات فضائية خارج كوكب الأرض ، وعلى الرغم من توصله لتلك النتيجة إلا أن ساجان كان من أشد من آمنوا بوجود حياة أخرى في هذا الكون .

لم يتوقف الجدل مع ساجان عند هذا الحد ، حيث خاض نقاشًا طويلاً في ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي مع المجموعة البحثية التي  تتحدث بشأن الشتاء النووي عام 1983م ، حيث وجد النموذج الذي وضعته المجموعة البحثية أن هبوط درجات الحرارة إلى تحت الصفر ، كان بسبب سحب الغبار المشع الناتجة عن الحرب النووية بين القوى العظمى .

وبهذا غضبت كافة الجهات التي كانت تتحدث بشأن الأطباق الطائرة ، ومعارضي تقرير الشتاء النووي ممن دعوا إلى الحرب ، لدرجة أن زملائه قد اضطروا إلى إخفاء رقم مكتبة بالجامعة ، واستخدم هو الأبواب الخلفية لتنقلاته من وإلى عمله ، وما زاد من جدية تلك التهديدات هو ما تم إرساله من متفجرات لأساتذة الجامعة عن طريق البريد ، حصل ساجان على وسام ناسا مرتين ، بالإضافة إلى وسام آرستر وجائزة بوليتسر أيضًا.

وفاته :
لقى كارل ساجان مصرعه عن عمر ناهز الاثنان وستون عامًا ، في عام 1996م إثر معركة قاسية مع التهاب في الرئة ، قام خلالها بزرع نخاع قبل وفاته بثلاث سنوات ، عقب إصابته بمتلازمة خلل النسيج النقوي ، وكان كارل ما زال متزوجًا من آن درويان إبان وفاته ولديه خمسة أطفال من زيجاته الثلاث خلال مسيرته .