قد تتعجب مين تعرف أن هناك شخص يملك ملايين الأصدقاء ، وجدول أعمال مزدحم للغاية ، ولكن على الرغم من ذلك هو مشرد لا منزل له ، هذا المليونير هو كوتاني ماكوتو الياباني الجنسية ، كان يعمل ممثل كوميدي ولكنه شخص غريب الأطوار يتصرف طوال الوقت بغرابة شديدة ، وذلك حال بينه وبين التقدم في عمله .
حاول كوتاني أن يسكن مع صديق له في منزل واحد ولكن زميله في السكن طرده ، لأنه لم يتحمل غرابة سلوكه وطباعه المزعجة ، وصرخ في وجهه بقسوة وأخبره بأنه شخص يصعب العيش معه ، هو مزعج ومستهتر ، ولا يمكن أن يطيقه أحد .
لم يعد لدى كوتاني منزل فتحول للسكن في الشارع مثل أي مشرد أخر ، ويبدو أن حياة التشرد ألهمته بالفكرة التي قلبت حياته رأس على عقب ، فقد أبتكر خدمة من نوع جديد ، خدمة لها خصوصيتها في المجتمع الياباني .
هذا المجتمع الذي يعمل أفراده دون توقف ، حتى أن بعضهم يعاني من الوحدة والعزلة بسبب العمل المستمر ، وساعات العمل الطويلة والتي لا تترك للمواطنين في هذا المجتمع أي فرصة للعيش طريقة طبيعية ، وتكوين علاقات اجتماعية طبيعية .
فبالنظر إلى المجتمع الياباني ستجد أن كل شخص وحدة بحد ذاته ، لا يرتبط بأي أشخاص آخرين ، وهو ما يؤدي إلى إصابة الكثيرين بالاكتئاب وكذالك الانتحار ، فكر كوتاني أن يقدم وقته لأي شخص يريد صديق يؤنس وحدته ، أو شخص يتحدث إليه أن يخرج برفقته ، وكان يقدم هذا الوقت بمقابل زهيد للغاية ، لم يتصور كوتاني أن فكرته المجنونة قد تحقق أي نجاح ، ولكن يبدو أن هذه الخدمة وجدت قبول بين المجتمع الياباني .
وتعددت الطلبات على كوتاني الذي كان يطلب أن يلتقط الصور برفقة زبائنه ، ومن ثم عرضها على حسابه على أحد المواقع الإلكترونية ومعها مقتطفات من يومه ، بالطبع كان يشكلها بطريقة كوميدية وغربية ، مما جعل الملايين حول العالم يتابعون ، بل أن الهوس بكوتاني تعدى متابعته وأصبح هناك بعض الشخصيات من المشاهير في اليابان يتابعون ويطلبوا خدماته ، لم يغير كوتاني أجرته ولكنه صار يأكل في أفضل الأماكن مع زبائنه ، ويزور أجمل المناطق حول العالم برفقتهم .
حتى أن أحد زبائن كوتاني هو مصمم أزياء شهير في اليابان أصبح يتولى ملبس كوتاني بالكامل ، يصمم له ما يرتديه من أزياء غريبة تتناسب مع شخصية كوتاني وطريقته في الحياة ، ازدادت الطلبات على خدمة كوتاني حول العالم ولم يرفع سعر خدمته كذالك ، وهو فقط يطلب أن يتحمل الزبون مصروفات الانتقالات وتذاكر السفر وكذالك الإقامة والمأكل .
تمكن كوتاني من زيارة معظم الدول حول العالم ، وعلى الرغم من كل الشهرة والنجاح التي حققها كوتاني إلا أنه مازال فقير ، ومازال مشرد لا منزل له ، يشعر كوتاني بالفخر لما يقدمه للآخرين من رفقة و ونس .
ويعتبر أن ما يقوم به عمل سامي حيث أنه يساعد الكثيرين على ألا يقعوا في فخ الاكتئاب و مضاعفاته الخطيرة ، وفي نفس الوقت يكون الملايين من الأصدقاء ، ويكتسب الكثير من الخبرات والكثير من المتعة .
يعتبر كوتاني بالنسبة للكثيرين شخصية ملهمة للغاية حيث أنه تمكن من تحويل فشله إلى نجاح ، ومن تحويل وضعه السيئ إلى وضع يبهر العالم كله ، ويعلم الكثيرين أن الإمكانات وإن كانت قليلة يمكن استثمارها بذكاء لتحقق نجاح عظيم .