تميزت كل حرب من الحروب التي نشبت بين الشعوب ؛ باسمها الخاص الذي اكتسبته نتيجة لوضع الحرب ، وهناك العديد من أسماء الحروب التي جاءت نتيجة للأماكن أو الأعوام التي قامت بها ، ولكن هناك من الحروب ما قد ورد اسمه ليصف حالة الحرب ذاتها ؛ مثل الحرب الزائفة التي قامت بين فرنسا وبريطانيا ضد ألمانيا النازية .
عُرفت الفترة من 3 سبتمبر عام 1939م وحتى 10 مايو عام 1940م ؛ باسم الحرب الزائفة أو المتوقفة أو المضحكة ؛ وذلك لأنها تصف حالة عسكرية أو الوضع الذي ساد على الحدود الألمانية الفرنسية ؛ حيث قررت فرنسا وبريطانيا إعلان الحرب على ألمانيا النازية ، وتميزت تلك الفترة التاريخية بجمود حقيقي في القيام بالعمليات الحربية بعد حدوث اشتباكات خفيفة بين الطرفين .
كانت ألمانيا تهدد بولندا بصورة متزايدة ؛ مما جعل المسئولون الفرنسيون يلتقون مع أخرين من بولندا يوم 19 مايو من عام 1939م لبحث تلك التهديدات ، واتفق الطرفان على أن تقوم القوات الفرنسية بشن بعض الهجمات على أهداف معينة من أجل دحر الألمانيين .
استطاعت القوات الألمانية احتلال بولندا يوم 1 سبتمبر من عام 1939م ، فأقدمت القوات الفرنسية والبريطانية على إعلان الحرب على ألمانيا النازية في اليوم الثالث من الغزو ، وكان خط سيغفريد هو الذي يحمي الحدود الألمانية ، بينما كان خط ماجينو هو الحامي للحدود الفرنسية .
قامت القوات الفرنسية بشن هجوم صغير على إقليم السار بحدود ألمانيا ، واصطدم الجيش الألماني (المجموعة ج) بقيادة “ويلهلم ريتر فون ليب ” بالجيش الفرنسي الذي تم تقسيمه إلى مجموعتين ؛ حيث كان القائد “غاستون بريتيلا ” يقود مجموعة الجيوش الثانية ، بينما كان يقود “هنري بيسون” مجموعة الجيوش الثالثة ، وكانت المجموعتان تحت قيادة القائد العام الفرنسي “موريس غاملين” .
بدأت الهجمات على إقليم السار يوم 7 سبتمبر ، وتقدمت 14 فرقة فقط من بين 31 إلى الخطوط الأمامية ، وتم استخدام تسع فرق فقط للهجمات ؛ حيث حاولوا التقدم لنحو 12 كيلو متر فقط داخل إقليم السار ، واستطاعت القوات الفرنسية غزو بعض القرى داخل الإقليم ؛ والتي استردها الألمانيون فيما بعد .
توقفت القوات الفرنسية عن الهجوم يوم 13 سبتمبر ؛ حيث أنهم اعتبروا أن هزيمة بولندا قد حدثت بالفعل ؛ دون النظر إلى مقاومة البولنديين والتي دامت لأكثر من أسبوعين بعد إعلان توقف الهجمات الفرنسية ، وقد نالت القوات الفرنسية بعض الخسائر ؛ حيث قُتل 27 جندي ؛ وجُرح 22 آخرين ؛ كما فُقد 28 شخص ، وخسرت القوات الجوية الفرنسية 18 من طائرات الاستطلاع ؛ و9 من الطائرات المقاتلة .
لم تنته حالة الحرب بين قوات الحلفاء وألمانيا ، ولكن لم يحدث مناوشات أخرى مهمة أثناء الحرب الزائفة أو بعدها بين الطرفين ، ولم تتحرك قوات الحلفاء بعد احتلال ألمانيا للدنمارك والنرويج ، ولم يتخذوا خطوات حقيقية إلا بعد أن حققت ألمانيا انتصارًا هائلًا في غزوها لكل من بلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ ؛ حيث قامت قوات الحلفاء في أعقاب تلك الأحداث بهجمات ضد ألمانيا عُرفت باسم معركة فرنسا ، ولكنها انتهت بهزيمتهم ؛ وتقدمت ألمانيا بغزو تلك الدول بما فيهم فرنسا .
توجهت بعض الانتقادات إلى الحرب الزائفة ؛ حيث ذُكر أنه كان بإمكان فرنسا تحقيق النصر إذا أقدمت على الهجوم ضد القوات الألمانية أثناء انشغالها بعملية غزو بولندا ، ومع ذلك هناك بعض الشكوك الصادرة تجاه تحقيق النصر لفرنسا إذا شنت حربها أثناء غزو بولندا .