قصة نساء عاديّات خلدهن التاريخ بنصب تذكارية

عندما تنظر إلى بعض التماثيل ، في أية دولة هنا وهناك ، قد تجد منها ما يدلل على بعض الشخصيات المؤثرة في هذا البلد ، الذي صنع تمثالاً لشخص ما ، فتبدأ حينها بالبحث والتقصي ، بشأن تلك التماثيل من أجل التعرف على الشخصيات الكامنة خلفها ، وما أحدثته من أعمال مؤثرة ، إلا أن ما سوف نعرضه اليوم ، هو قصصًا لسيدات عاديّات قاموا بالنحت ، في صخور الحياة من أجل أن تصنعن حياة قوية ، فخلدهن التاريخ بتماثيل لهن .

هاريت توبمان :
ولدت هاريت توبمان ونشأت في مقاطعة دورشيستر بماريلاند ، وفي هذا الوقت كانت بلدتها قد تعرضت للاحتلال ، وبعد أن تخلصت هاريت من العبودية ، قامت بعدد من مهام الإنقاذ ، لسبعين شخصًا آخرين ، من أجل إلغاء الرق وذلك من خلال طرق آمنة ، تم استخدامها وعرفت باسم أنفاق السكة الحديدية .

وكانت هاريت قد تعرضت للضرب وهي صغيرة ، على يد أسياد المقاطعة التي نشأت فيها ، وتعرضت إلى جرح غائر في رأسها ، ظل ملازمًا لها لسنوات طويلة ، حيث ألقى أحد المراقبين أثناء العمل ، بمعدن ثقيل نحو أحد العبيد ، ولكنه أخطأ وأصاب رأس هاريت ، التي عانت طوال حياتها ، من آلام بالرأس ونوبات من الصداع والرؤى ، وفرط النوم أيضًا إلا أنها كانت ترى في تلك الخيالات ، إلهامًا من الله .

بحلول عام 1849م ، استطاعت هاريت أن تهرب من المكان الذي ذاقت به مرارة العبودية ، وذهبت إلى فلادلفيا لتعيش بها ، وقد تحسنت حالتها جدًا ، فعادت مرة أخرى إلى موطنها الأصلي ، من أجل تحرير عائلتها ، ونجحت بالفعل في تخليص أكثر من سبعين شخصًا ، من العبودية في جنح الليل ، دون أن تفقد منهم شخصًا واحدًا .

كانت هاريت قد عملت خلال فترة الحرب الأهلية الأمريكية ، كطاهية ثم ممرضة ، إلى أن تدربت على التسليح وعملت كجاسوسة ، وتعد أول امرأة قامت بتحرير العبيد ، وقادت حملة مسلحة إبان فترة الحرب .

وعقب انتهاء الحرب ، ظلت هاريت في منزل عائلتها بنيويورك ، ترعى والديها المسنين ، وظلت ناشطة في حركة تحرير المرأة وغيرها من الحركات الحقوقية ، حتى أنهكها المرض وقبعت في دار للمسنين ، كانت قد أنشأتها قبل سنوات ، للمسنين الأمريكيين من ذوي الأصول الأفريقية .

ويقبع تمثال هاريت في مانهاتن بولاية نيويورك ، حيث بلغ طوله ثلاثة عشر قدمًا ، وتم تصنيعه من الجرانيت والبرونز ، وصممه الفنان أليسون سار عام 2008م ، ويظهر في التمثال بعض الجذور ، المرتبطة به من الخلف في إشارة من أليسون ، إلى جذور العبودية التي هربت منها ، وانتصرت عليها هاريت .

الفرنسية جان دارك :
جان دراك الشهيرة بعذراء أورليان ، كانت قد ولدت لعائلة من الفلاحين الفرنسيين ، عام 1412م وهي بطلة قومية ، نشأت في فرنسا وتعد إحدى القديسات بالكنيسة الرومانية الكاثوليكية .

قادت جان دارك الجيوش الفرنسية ، للعديد من الانتصارات خلال حروب المائة عام ، مدعية الإلهام الإلهي في هذا الشأن ، مما نتج عنه تتويج شارل السابع ملكًا للبلاد ، وكان قد بعثها إلى أورليان ، قائدة لجيوشه قبل أن يتم تتويجه ، وعقب ما حققته من انتصارات تُوج شارل ملكًا .

وتم إلقاء القبض عليها ، بواسطة الانجليز وتمت محاكمتها بتهمة العصيان ، ثم أُعدمت حرقًا في عمر التسعة عشر عامًا ، بتهمة الهرطقة .

وعقب مرور خمسة وعشرين عامًا ، قام البابا كاليستوس الثالث ، بإعادة فتح أوراق قضيتها والنظر فيما تم توجيهه إليها من اتهامات ، وبناء عليها تمت تبرءتها من كافة التهم التي وجهت إليها ، وأعلنت شهيدة .

وعقب ذلك قام كل من صناع الروايات ، والسينما والمسرح وكافة لفنون بعمل روايات ، وسرد السيرة الذاتية لجان دارك ، باعتبارها أكثر الشخصيات الشعبية تأثيرًا ، وتم صناعة تمثالاً لها من البرونز ، بلغ طوله 13 قدمًا ، وقام بنحته الفنان إيمانويل فريميه عام 1974م ، وتم وضعه في باريس حيث خرجت جان دارك ، لتخسر معركة التحرير أمام قصر الأهرامات .