قصة العقيد ناصر الحميد

واحدًا من أفضل وأقوى رجال المملكة ، دافع عن بيت الله الحرام أمام المسلحين الذين حاولوا التعدي على بيت الله بعد أن اقتحموه بالقوة ، تمكن مع باقي الرجال من أن ينقذ المعتمرين ويجبر المسلحين على الاستسلام .

من هو ناصر الحميد :
ناصر الحميد درس في كلية الملك عبد العزيز العسكرية وتخرج عام 1379هـ ، كان بدرجة ملازم أول ، وتم تعيينه في سلاح المشاة ، وعُرف عنه تميزه في أداء الواجبات والوظائف التي توكل له ، وحرص على حضور كافة التدريبات والدورات العسكرية .

حياة العقيد ناصر الدراسية :
أول تعيين للعقيد ناصر كان برتبة ملازم أول في سلاح المشاة ، وتمكن حينها أن يثبت أن الأفضل بين كل الزملاء ، أثبت أنه قادر على أداء كافة المهام بشكل متميز ، كما اشترك في عدد من المشاريع التدريبية والتي تفوق فيها جميعا .

تولى العقيد ناصر عدد من المناصب الهامة والقيادية ، وقد تدرج في سلم الترقيات حتى وصل إلى منصب قائد الكتيبة السادسة مظلات ، تمكن أيضًا من الحصول على عدد من الخبرات الكبيرة والجيدة التي مكنته من التدريس في المؤسسات العسكرية في المملكة .

كان العقيد ناصر متلهفًا للعلم وللتدريب فأجتاز طوال حياته العملية عدد 16 دورة تدريب عسكرية ، وشملت هذه الدورات العديد من التخصصات ، كما حصل العقيد على عدد من الدبلومات ، أبرزها دبلومه كلية الملك عبد العزيز الحربية ، وتمكن من الحصول على شهادة إتمام القفز المظلي ، كذالك أتم شهادة المشاة التأسيسية .

سافر العقيد ناصر إلى الولايات المتحدة الأمريكية من أجل الدراسة ، وتمكن في هذه الرحلة من أن يحصل على شهادة اللغة الانجليزية ، ولم يكتف بذلك بل درس أيضا الكيماويات ، واجتاز دورة الصاعقة .

خاض أيضا دورة تدريبية في أمور الصيانة والصيانة الوقائية ، وكذالك تدرب مرتين على القيادة والأركان ، كما خاض دورة الأمن القومي من كلية الصاعقة بالجيش الأمريكي عن بعد ، كذالك سافر إلى جمهورية الصين الشعبية وأنهى دورة خاصة بالاستخبارات ، وتخرج منها بدرجة امتياز .

خاض أكثر من دورة في القفز بالمظلات ، وتفوق في القفز الحر ، كذالك عرف عنه أنه يتحدى جميع الصعاب وفي أحد التدريبات غضب بشدة من المدرب الذي قال أنه ليس باستطاعة أحدًا منهم أن يقوم بتدريب معين ، فتحدى نفسه وتحدى المدرب للقيام بهذا التدريب .

اشترك في القوة العربية التي سافرت إلى الكويت – أيام تهديدات عبد الكريم قاسم – وسافر إلى اليمن للمشاركة مع القوات المرابطة في نجران ، كما أنه كان صاحب اقتراح أن يتم تدريس المظلات لطلبة الكليات العسكرية .

موقعة تحرير الحرم :
بدأ الأمر حين قام أحد المتطرفين بإقناع جماعة تتبعه بأن يبايعوه بعد أن أقنعهم أنه المهدي المنتظر ، حينها تم التخطيط لدخول الحرم المكي ، وبدأت عمليات تهريب الأسلحة إلى داخل الحرم على أنها جثامين للموتى ، وبالطبع دخلت الأسلحة في نعوش ، أما الذخيرة فقد أدخلت في صهاريج نقل المياه من بئر زمزم .

تم الاتفاق على أن تكون ساعة الصفر عقب صلاة الفجر في أول يوم من شهر محرم عام 1400هـ والذي توافق مع العشرين من نوفمبر عام 1979م .

وبدأت العملية بوقوف أحد المتطرفين الذي زعم أنه بايع المهدي المنتظر ، وفي نفس الوقت ظهر باقي أتباعه المتطرفين ممسكين بالأسلحة التي أخرجوها من التوابيت ، ومن ثم أغلقوا أبواب ومنافذ الحرم وأحكام السيطرة عليه والتحصن بالداخل .

وبدأت عمليات إطلاق النيران من المتطرفين ليمنعوا الحرس من الدخول ، وتم توزيع القناصة أعلى المآذن من أجل قنص أي شخص يقترب من الحرم المكي ، رفضت قوات المملكة أن تستخدم الأسلحة الثقيلة خوفًا على الحرم وعلى المعتمرين بداخله ، وبالتالي بدأت المفاوضات مع المسلحين من أجل الاستسلام وترك الأسلحة دون أن يتأذى أحد ، استمرت المفاوضات قرابة الأربعة عشر يومًا دون فائدة .

في فجر الأول من محرم 1400هـ وبعد رفع آذان الفجر ، كان الطابق الأول من المسجد الحرام مكتظ بالمصلين ، وصل عددهم إلى ستون ألف شخص ، أغلبهم من خارج المملكة ، صلى الشيخ محمد السبيل إمامًا وحين انتهى من الصلاة وجد اثنان من المسلحين يطالبونه بمبايعة من يدعي أنه المهدي المنتظر .

رفض الشيخ مبايعة المهدي المزعوم وأخبرهم أنه سيصلي على طفل متوفي ، وطلب منهم أن يتركوه ، حينها حدثت جلبة حيث كان هناك بعض الناس يبايعون المهدي المزعوم بين الحجر والمقام ، حينها انشغل المسلحون عن الأمام فتمكن من الصلاة على الطفل المتوفى.

اختطف أحد المسلحين مكبر الصوت من الأمام ، الذي خرج من المسجد بين المصلين دون أن يلاحظ أحد ، ولكنه أبلغ السلطات عما يحدث أولًا ، في نفس الوقت حاول أحد المسلحين أن يطلب من المصلين الجلوس من أجل الاستماع لبيان هام ، هرج ومرج يسيطر على المسجد وتدافع كبير بين المصلين .

تكتل المسلحين على أبواب المسجد ورفضوا أن يخرج أحدًا منها ، أطلقت أول رصاصة في صدر أحد حراس الحرم المكي وقتل في الحال ، أصدر اتحاد علماء مكة بيانًا يستنكر فيه ما يحدث في المسجد الحرام ، ويطالبون به القوات العسكرية التدخل من أجل حماية المسجد وأرواح الموجودين فيه .

بالفعل بدأت القوات تتحرك إلى داخل المنطقة الخطرة ، وكان ناصر عبد الحميد حينها على درجة عقيد ، وتولى قيادة فرقة من الضباط والأفراد في العديد من العمليات ، أبرزها عملية الهجوم على بيت الله الحرام ، وضع العقيد خطة دقيقة من أجل السيطرة على الموقف ، حيث تمنت جماعة من المسلحين من الدخول إلى بيت الله الحرام ، بعد تبادل إطلاق النيران .

تمكنت فرقة العقيد ناصر من التقدم على باقي الفرق ، واقتحمت خط إطلاق النيران ، واجتازت الفرقة الحصون والمتاريس التي وضعتها الجماعة المسلحة ، مما مهد لباقي المقاتلين الاقتراب والدخول إلى المنطقة .

حينها وجد المسعفون الذين دخلوا إلى المسعى جثة العقيد ناصر ، وباقي أعضاء فرقته في منطقة بين الصفا والمروة ، ولولا فرقة العقيد ناصر لما تمكنت قوات المملكة من تحرير الحرم المكي .

وانتهت الأزمة وصلى الملك خالد صلاة المغرب في الحرم المكي ، وطاف بعدها حول الكعبة شكرًا لله على ما حدث وعلى رجال مكة ، وقوت القوات المسلحة والحرس الوطني وعلى رأسهم الشهداء الذي كان العقيد ناصر حميد في مقدمتهم .