نشبت العديد من الحروب بين الجيش الإسرائيلي وعددًا من الدول العربية ، وعرفت باسم الحروب الفلسطينية ، وكان من بينها حرب عام 1967م ، والتي كانت تعد الحرب الثالثة من سلسلة تلك الحروب .
حرب 1967 م :
اندلعت الحرب الثالثة من سلسلة الحروب الفلسطينية ، في يوم الخامس من يونيو لعام 1967م ، والتي كانت بين إسرائيل من جهة ، وبين مصر وسوريا والأردن وبعض من القوات عراقية كانت مرابطة في الأردن من جهة أخرى .
بدأت الحرب بهجوم إسرائيلي على قواعد سلاح الجو المصري بسيناء ، وكان هذا الهجوم هو النقطة الفاصلة بين فترة ثلاثة أسابيع من التوتر المتزايد والحرب الشاملة ، بين إسرائيل وكل من مصر وسوريا والأردن .
ما قبل حرب 1967 م :
عرفت حرب 1956م بالعدوان الثلاثي على مصر ، وكما وردت في بعض الكتب أزمة قناة السويس ، أنها حرب وقعت أحداثها في مصر في 1956م ، وكانت الدول التي اعتدت عليها هي فرنسا والتي قررت الدخول في هذا العدوان لتثأر من مصر التي كانت تساند الجزائر ، وتدعم الثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي وتمدها بالأسلحة .
وإسرائيل والتي انضمت للعدوان بسبب إبرام مصر اتفاقية مع الاتحاد السوفييتي ، لتزويدها بالسلاح والذخائر الحديثة بهدف تقوية جهاز القوات المسلحة لردع إسرائيل .
رغم أن هذه الاتفاقية لم تأتِ إلا بعد رفض الدول الغربية إمداد القوات المسلحة المصرية بالسلاح ، مما أثار رغبة إسرائيل في الاشتراك بهذا العدوان ، لأنها رأت أن اتفاقية مصر مع الاتحاد السوفييتي يهدد بقاءها بالمنطقة العربية ، أما بريطانيا فكان اشتراكها على إثر قيام جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس .
مما منع انجلترا من حق امتياز القناة ، والتي كانت تديرها قبل التأميم ، وبذلك دخلت إنجلترا في العدوان الثلاثي ، وانتهى العدوان الثلاثي على مصر ، بانسحاب إسرائيلي من شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة في 8 مارس 1957م ، واتفقت إسرائيل ومصر على دخول قوات دولية تابعة للأمم المتحدة (UNEF) ، إلى المناطق التي انسحبت منها إسرائيل ، لحماية وقف إطلاق النار .
وبين مارس 1957م وأبريل 1967م كانت الحدود بين إسرائيل ومصر هادئة إلى حدٍ ما ، ولكن في 1964م زادت الاشتباكات بين إسرائيل وسوريا بشأن النزاع على استغلال مياه نهر الأردن .
فتشكلت حالة من التوتر تدريجيًا منذ نهاية عام 1966م ، ففي 15 مايو 1967م ، عندما جاوزت قوات برية كبيرة من الجيش المصري قناة السويس ، ورابطت في شبه جزيرة سيناء لإظهار حالة الاستعداد بعد معلومات سوفييتية عن نية إسرائيل مهاجمة العرب ، ودفع ذلك الحكومة الإسرائيلية إلى إعلان حالة تأهب بصفوف الجيش الإسرائيلي .
في 16 مايو طالبَ الرئيس المصري جمال عبد الناصر ، إخلاء قوات الأمم المتحدة UNEF من سيناء وقطاع غزة ، وكانت هذه القوات الدولية تراقب وقف إطلاق النار بين إسرائيل ومصر منذ 1957م .
وبعد مفاوضات فاشلة استمرت يومين مع كل من حكومتي مصر وإسرائيل ، حيث أصرَّت مصر على إخلاء القوات الدولية ورفضت إسرائيل مرابطتها على الجانب الإسرائيلي من خط الهدنة ، غادرت قوات الأمم المتحدة المنطقة في 18 مايو 1967م .
وفي 22 مايو 1967م ، أعلنت مصر إغلاق مضيق تيران أمام السفن الإسرائيلية ، الأمر الذي اعتبرته إسرائيل سببًا للحرب.
وفي 30 مايو وقع الرئيس المصري جمال عبد الناصر ، والعاهل الأردني الحسين بن طلال ، على اتفاقية تحالف عسكري ، أنهى الخلاف بين الدولتين ، وفي 5 يونيو شن الجيش الإسرائيلي هجومًا على القوات المسلحة المصرية في سيناء ، بينما بعث رئيس الوزراء الإسرائيلي برسالة للعاهل الأردني الحسين بن طلال ، عبر وسيط أمريكي قائلًا ” إن إسرائيل لن تهاجم الأردن إذا ظلَّ الجيش الأردني خارج الحرب ” .
يوميات حرب 1967 م :
أحداث اليوم الأول ، الخامس من يونيو عام 1967م ، قبل الهجوم الجوي قامت قوات إسرائيلية بهجوم في الساعة السابعة والنصف صباحًا من يوم 5 يونيو على المحور الأوسط بسيناء ، واحتلت موقعًا متقدمًا في منطقة أم بسيس الأمامية ، وقد سبقت ذلك تحركات في اتجاه العوجة ليلة 4 و5 يونيو لم تبلغ القيادة العليا ، بل علم بها قائد المنطقة الشرقية ظهرًا بعد فوات الأوان وكان الرد عليها كفيلًا بتغيير الموقف .
وقامت القوات الاسرائيلية في الساعة الثامنة وخمسٌ وأربعون دقيقة ، في صباح الإثنين الخامس من يونيو لمدة ثلاث ساعات بغارات جوية على مصر ، في سيناء و منطقة الدلتا والقاهرة ووادي النيل في ثلاث موجات ، الأولى مائة وأربعٌ وسبعونَ طائرة ، والثانية مائة وواحدٌ وستون طائرة ، والثالثة مائة وخمسٌ وسبعون ، بإجمالي أربعمائة واثنان وتسعون غارة ، دمَّرت فيها خمسٌ وعشرون مطارًا حربيًا وما لا يقل عن 85% من طائرات مصر وهي جاثمة على الأرض .
وطبقًا للبيانات الإسرائيلية تم تدمير مائتي وتسعُ طائرات من أصل ثلاثمائة وأربعون طائرة مصرية منها :
– ثلاثون طائرة تي يو-16.
– سبعٌ وعشرون طائرة اليوشن قاذفة.
–اثنى عشر طائرة سوخوي- في.
–تسعون طائرة مقاتلة ونقل وهليكوبتر.
وردًا على الضربة الجوية الإسرائيلية قامت القوات الجوية الأردنية ، بقصف مطار قرب كفار سركن .
أما عن الطيران السوري فقد قصف مصافي البترول في حيفا وقاعدة مجيدو الجوية الإسرائيلية ، بينما قصفت القوات العراقية جوًا بلدة ناتانيا على ساحل البحر المتوسط ، أما إسرائيل فلم تكتفِ بقصف السلاح الجوي المصري ، بل قصفت عدة مطارات أردنية منها المفرق وعمان ودمرت إثنان وعشرون طائرة مقاتلة وخمسُ طائرات نقل وطائرتي هليكوبتر .
ثم قصفت المطارات السورية ومنها الدمير ودمشق ، ودمرت إثنين وثلاثون طائرةٍ مقاتلة من نوع ميغ ، واثنتين اليوشن 28 قاذفة ، كما هاجمت القاعدة الجوية هـ 3 بالعراق ، وقدرت المصادر الإسرائيلية أنها دمرت أربعمائة وستة عشرَ طائرة مقاتلة عربية ، وقدرت خسائر إسرائيل بستٌ وعشرون طائرة مقاتلة .
واعتمدت إسرائيل في حرب يونيو 1967م ، على الطيران وعلى جيشها البري في كافة الجبهات العربية المحيطة بها .
الجبهة المصرية :
انطلقت في أعقاب الضربة الجوية الإسرائيلية مباشرةً ، وفي الساعة التاسعة والربع ، تشكيلات القوات البرية الإسرائيلية ، لتخترق الحد الأمامي للجبهة المصرية في سيناء بثلاث مجموعات عمليات .
وفي ساعة متأخرة من المساء استطاعت بهجومها على المحاور الثلاثة الشمالي والأوسط والجنوبي ، وتدمير فرقتي مشاة النسق الأول ، السابعة والثانية ، التي كان يرتكز عليها النظام الدفاعي لمصر .
الجبهة الأردنية :
قصفت القوات الأردنية الساعة الحادية عشر صباحًا ، بالمدفعية مدن تل أبيب والقدس وعبرت جنوب القدس ، وقام الطيران الأردني بقصف مطارات إسرائيلية ، وهنا تحول القصف الجوي الإسرائيلي بعد أن قضى على القوات الجوية المصرية .
إلى الجبهة والمطارات الأردنية وقام بتدمير طائرات الأردن ، وأصبحت المملكة بدون قوات جوية بينما قامت القوات الإسرائيلية بعد الظهر بهجوم على الضفة الغربية ، وعزلت القدس عن الضفة ووصلت إلى جنين .
على الجبهة السورية
قصفٌ جويٌ ومدفعيٌ متبادل بين الجانبين ، ومحاولة اختراق من جانب سوريا أحبطها الجيش الإسرائيلي .
وفي اليوم الثاني 6 يونيو :
الجبهة المصرية :
كان يُلقى على الجنود المصريين منشورًا إسرائيليًا أثناء حرب 1967 م ، وفي صباح يوم السادس من يونيو سقطت العريش وانفتح المحور الشمالي أمام القوات الإسرائيلية المدرعة ، وكانت مهمة الطيران الإسرائيلي طوال اليوم هي تثبيت الوحدات المدرعة في الممرات الجبلية .
وفي مساء اليوم نفسه أذاعت إسرائيل أن عناصر قواتها وصلت إلي قناة السويس ، مما أصاب جنود الجيش المصري بالذعر فيما أطلق عليه الغرب الحرب الخاطفة ، وفي مساء هذا اليوم أيضًا تمَكَّنَ الإسرائيليون من الاستيلاء على مدينتي غزة وخان يونس .
وكان نائب القائد الأعلى للقوات المصرية عبد الحكيم عامر ، قد أصدر في الساعة الخامسة من بعد الظهر ، أمرًا بالانسحاب العام لجميع قوات سيناء إلى غرب قناة السويس ، على أن ينفذ على مراحل وخلال الأيام التالية ، وهو القرار الذي أثَّرَ سلبًا على أداء الجيش المصري وعلى مسار الحرب بالنسبة له .
أما على الصعيد الدبلوماسي الدولي ، فصدر قرار مجلس الأمن رقم 233 بوقف إطلاق النار ، وهو ما كان يعني حينها إقرارًا دوليا باحتلال إسرائيل أراضي مصرية وحرمان مصر من حقها في استعادتها .
الجبهة الأردنية :
شهدت قتالًا في كافة أنحاء الضفة الغربية وسقطت نابلس ، وأخذت القوات الإسرائيلية تتحرك في اتجاه نهر الأردن مع قتال حول القدس الشرقية .
الجبهة السورية :
استمرار الاشتباكات من دون أي جديد على الأرض غير ما كان في يوم 5 يونيو .
وفي اليوم الثالث 7 يونيو :
الجبهة المصرية :
كان على القوات المصرية صباحًا وفي وسط سيناء مواجهة ثلاث مجموعات عمليات ، وظهرت في هذا اليوم ، والذي تركزت فيه العمليات على الجبهة المصرية ، مع وقف إطلاق النار على الجبهة الأردنية ، بوادر الانهيار التام للقوات المصرية وقرب وصول القوات الإسرائيلية إلى قناة السويس .
الجبهة الأردنية :
اُحتُلَت القدس الشرقية ، حيث وصلت القوات الإسرائيلية في العاشرة صباحًا إلى حائط البُراق ، بينما كانت قد سيطرت تمامًا على المدينة مساء .
وعلى صعيد التحركات الدولية ، صدر قرار مجلس الأمن رقم 234 للتأكيد على وقف إطلاق النار الساعة الثامنة مساءًا ، وأعلن الملك حسين قبول وقف إطلاق النار مع إسرائيل بصفة رسمية .
الجبهة السورية :
استمرار الاشتباك بالمدفعية والدبابات .
وفي اليوم الرابع 8 يونيو :
قصفت إسرائيل السفينة الأميركية ليبرتي الساعة الواحدة وخمسٌ وأربعون دقيقة ظهرًا ، وهو أمر لا يزال يثير جدلًا حتى اليوم ، هل حصل الهجوم عمدًا أم خطأً ؟
الجبهة المصرية :
مع قرب وصول القوات الإسرائيلية إلى قناة السويس ، بدأت في هذا اليوم الاستعدادات للدفاع عن القاهرة من مدخلي السويس والإسماعيلية .
وجرى حديث بين السوفيات والرئيس المصري جمال عبد الناصر ، عن وقف القتال على الجبهة المصرية في الوقت الذي شكلت فيه الوحدات المصرية المدرعة المتبقية سدًا دفاعيا وسط سيناء ، ولكن مع قبول مصر وقف إطلاق النار كانت قد انهارت الدفاعات المصرية المتبقية شرق القناة ، وبدأ الارتداد العام والانسحاب من سيناء .
الجبهة السورية :
استمرار الاشتباكات بالمدفعية والدبابات .
وفي اليوم الخامس 9 يونيو :
الجبهة المصرية :
قامت القوات الإسرائيلية في هدوء باحتلال سيناء كلها ، حتى شرم الشيخ باستثناء الخط من رأس العش شمالًا حتى شرق بور فؤاد ، والذي ظل تحت سيطرة القوات المصرية .
وصدر قرار مجلس الأمن رقم 235 للتأكيد على وقف إطلاق النار ، بينما أعلن الرئيس جمال عبد الناصر في أعقاب هذه الخسارة تنحيه عن السلطة .
الجبهة السورية :
بدأ في هذا اليوم الهجوم الإسرائيلي على سوريا ، واخترق الدفاعات السورية شمال هضبة الجولان .
وفي اليوم السادس 10 يونيو :
الجبهة المصرية :
بتنحي الرئيس عبد الناصر استقالة المشير عبد الحكيم عامر ، ووزير الحربية شمس بدران ، وخرجت مظاهرات شعبية ترفض قبول تنحي الرئيس وطالبت بعودته ، فوافق عبد الناصر على ذلك وعاد إلى الحكم .
الجبهة السورية :
واصلت القوات الإسرائيلية اختراقها للدفاعات السورية على طول الجبهة في الجولان ووصلت إلى القنيطرة ، فأعلنت سوريا قبولها وقف إطلاق النيران الساعة السادسة والنصف مساءًا من ذلك اليوم .
وقف القتال :
صدر قرار مجلس الأمن 236 ، في تمام الساعة الرابعة والنصف في يوم الحادي عشر من يونيو، ونص على إدانة أي تحرك للقوات بعد 10 يونيو ، ولعل من أسوأ نتائج الحرب من وجهة نظر الأطراف العربية ، هي خسارة الضفة الغربية وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء وهضبة الجولان .
وتحطمت معنويات الجيوش العربية وأسلحتها ، وبعد إجراء المحاكمات لمتسببين بالفشل العسكري ، وبعد مضي فترة من الزمن أخذت تتكشف الحقائق شيئًا فشيئًا .
عن إخفاق القائد العام للقوات المسلحة المشير عبد الحكيم عامر ، بوضع الخطط ، وصدر عن مجلس الأمن القرار 242 ، الذي يدعو إسرائيل إلى الانسحاب من الأراضي التي احتلتها في يونيو 1967م ، وبعودة اللاجئين من أرض فلسطين إلى ديارهم .
أدت حرب 1967 م ، إلى إعادة تنظيم الخطط العسكرية العربية ، وإعادة تنظيم الأرض ، وقد شنت القوات العربية حرب الاستنزاف ، بقيادة الشخصية العسكرية المميزة ، الفريق عبد المنعم رياض .
فكان أهم منجزاتها عملية تدمير المدمرة إيلات ، التي تم الهجوم على ميناء إيلات الإسرائيلي ، حيت تم تلغيم الميناء وقتل عدد من العسكريين وإغراق بارجة إسرائيلية ، وذلك من قبل رجال الضفادع البشرية المصريين .
بالتعاون مع كل من القوات الأردنية والعراقية ومنظمة التحرير الفلسطينية ، ولكن مماطلة الإسرائيليين في تنفيذ قرار الأمم المتحدة أدت إلى تفكير العرب بالحرب مرة أخرى وكان ذلك في السادس من أكتوبر عام 1973م .
وقد حققت الجيوش العربية فيها انتصارًا عظيماً ، على جبهات سيناء والجولان ، لإعادة الحق العربي ورفع المعنويات العربية التي تدهورت بعد الحرب .